وهنا سؤال مشهور ، وهو : أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فكيف طلب له من الصلاة مثل ما النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من لإبراهيم ، مع أن المشبه به أصله أن يكون فوق المشبه ؟ وكيف الجمع بين هذين الأمرين المتنافيين ؟
وقد أجاب عنه العلماء بأجوبة عديدة ، يضيق هذا المكان عن بسطها .
وأحسنها : أن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم ، فإذا طلب للنبي صلى الله عليه وسلم ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء ، حصل لآل محمد ما يليق بهم لأنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء ، [ ص: 399 ] وتبقى الزيادة التي للأنبياء وفيهم إبراهيم لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيحصل له من المزية ما لم يحصل لغيره .
وأحسن من هذا : أن النبي صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم ، بل هو آل إبراهيم ، فيكون قولنا : كما صليت على أفضل آل إبراهيم متناولا الصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم وهو متناول لإبراهيم أيضا . كما في قوله تعالى : إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين [ آل عمران : 33 ] . فإبراهيم وعمران دخلا في آل إبراهيم وآل عمران ، وكما في قوله تعالى : إلا آل لوط نجيناهم بسحر [ القمر : 34 ] . فإن لوطا داخل في آل لوط ، وكما في قوله تعالى : إذ نجيناكم من آل فرعون [ البقرة : 49 ] وقوله : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ غافر : 46 ] فإن فرعون داخل في آل فرعون . ولهذا - والله أعلم - أكثر روايات حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إنما فيها كما صليت على آل إبراهيم . وفي كثير منها : كما صليت على إبراهيم ولم يرد : كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلا في قليل من الروايات وما ذلك إلا لأن في قوله : كما صليت على إبراهيم ، يدخل آله تبعا . وفي قوله : كما صليت على آل إبراهيم ، هو داخل في آل إبراهيم .
وكذلك لما جاء أبو أوفى رضي الله عنه بصدقته إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 400 ] دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أبي أوفى ، فعلى رواية من روى : كما صليت على اللهم صل على آل إبراهيم وعلى آل إبراهيم لا يدخل فيهم لإفراده بالذكر .