وقوله : ( ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم . ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم . ولا نذكرهم إلا بخير . وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ) .
ش : يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على
الروافض والنواصب . وقد أثنى الله تعالى على الصحابة هو ورسوله ، ورضي عنهم ، ووعدهم الحسنى .
كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم [ التوبة : 100 ] .
[ ص: 690 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا [ الفتح : 29 ] إلى آخر السورة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة [ الفتح : 18 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض [ الأنفال : 72 ] . إلى آخر السورة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير [ الحديد : 10 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم [ الحشر : 8 - 10 ] .
[ ص: 691 ] وهذه الآيات تتضمن الثناء على
المهاجرين والأنصار ، وعلى الذين جاءوا من بعدهم ، يستغفرون لهم ، ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم ، وتتضمن أن هؤلاء هم المستحقون للفيء . فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيبا ، بنص القرآن . وفي الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=964525عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : كان بين nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد وبين nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف شيء ، فسبه خالد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا أحدا من أصحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه . انفرد
مسلم بذكر سب
خالد لعبد الرحمن ، دون
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول
لخالد ونحوه : لا تسبوا أصحابي ، يعني
عبد الرحمن وأمثاله ، لأن
عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون ، وهم
nindex.php?page=treesubj&link=29388_31411الذين أسلموا من قبل الفتح وقاتلوا ، وهم أهل بيعة الرضوان ، فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان ، وهم الذين
[ ص: 692 ] أسلموا بعد
الحديبية ، وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل
مكة ، ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وهؤلاء أسبق ممن تأخر إسلامهم إلى فتح
مكة ، وسموا الطلقاء ، منهم
أبو سفيان وابناه
يزيد ومعاوية .
والمقصود أنه نهى من له صحبة آخرا أن يسب من له صحبة أولا ، لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه ، حتى لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد
الحديبية ، وإن كان قبل فتح
مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة ؟ رضي الله عنهم أجمعين .
والسابقون الأولون - من
المهاجرين والأنصار - هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا ، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة .
وقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=31104_28811إن السابقين الأولين من صلى إلى القبلتين ، وهذا ضعيف . فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجرده فضيلة ، لأن النسخ ليس من فعلهم ، ولم يدل على التفضيل به دليل شرعي ، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة التي كانت تحت الشجرة .
وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم - فهو حديث ضعيف ، قال
البزار : هذا حديث
[ ص: 693 ] لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هو في كتب الحديث المعتمدة .
وفي صحيح
مسلم عن
جابر ، قال : قيل
لعائشة رضي الله عنها : إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
أبا بكر وعمر ! فقالت : وما تعجبون من هذا ! انقطع عنهم العمل ، فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة بإسناد صحيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه قال : لا تسبوا أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة - يعني مع
[ ص: 694 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، خير من عمل أحدكم أربعين سنة . وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : خير من عبادة أحدكم عمره .
وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وغيره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964526nindex.php?page=treesubj&link=28811خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، قال
عمران : فلا أدري : أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ، الحديث .
[ ص: 695 ] وقد ثبت في صحيح
مسلم عن
جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964527nindex.php?page=treesubj&link=28811_29388لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة .
[ ص: 696 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة [ التوبة : 117 ] ، الآيات .
ولقد صدق
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصفهم ، حيث قال : إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب
محمد خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب
محمد صلى الله عليه وسلم ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيء .
وفي رواية : وقد رأى أصحاب
محمد جميعا أن يستخلفوا أبا بكر . وتقدم قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات . . . إلخ ، عند قول الشيخ : ونتبع السنة والجماعة .
فمن أضل ممن يكون في قلبه غل لخيار المؤمنين ، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين ؟ بل قد فضلتهم
اليهود والنصارى بخصلة ، قيل
لليهود : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب
موسى ، وقيل
للنصارى : من خير أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب
عيسى ، وقيل
للرافضة : من شر
[ ص: 697 ] أهل ملتكم ؟ قالوا : أصحاب
محمد ! ! لم يستثنوا منهم إلا القليل ، وفيمن سبوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة .
وقوله : ولا نفرط في حب أحد منهم - أي لا نتجاوز الحد في حب أحد منهم ، كما تفعل الشيعة ، فنكون من المعتدين . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم [ النساء : 171 ] .
وَقَوْلُهُ : ( وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ . وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ ، وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ . وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ . وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ ) .
ش : يُشِيرُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى
الرَّوَافِضِ وَالنَّوَاصِبِ . وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الصَّحَابَةِ هُوَ وَرَسُولُهُ ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ ، وَوَعَدَهُمُ الْحُسْنَى .
كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ التَّوْبَةِ : 100 ] .
[ ص: 690 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا [ الْفَتْحِ : 29 ] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [ الْفَتْحِ : 18 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [ الْأَنْفَالِ : 72 ] . إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [ الْحَدِيدِ : 10 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ الْحَشْرِ : 8 - 10 ] .
[ ص: 691 ] وَهَذِهِ الْآيَاتُ تَتَضَمَّنُ الثَّنَاءَ عَلَى
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَعَلَى الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ، يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ ، وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ غِلًّا لَهُمْ ، وَتَتَضَمَّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْفَيْءِ . فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَلَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ فِي الْفَيْءِ نَصِيبًا ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=964525عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ بَيْنَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ ، فَسَبَّهُ خَالِدٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذُهُبًا ، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ . انْفَرَدَ
مُسْلِمٌ بِذِكْرِ سَبِّ
خَالِدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، دُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ .
فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
لِخَالِدٍ وَنَحْوِهُ : لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، يَعْنِي
عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَأَمْثَالَهُ ، لِأَنَّ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَنَحْوَهُ هُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ، وَهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=29388_31411الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا ، وَهُمْ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ، فَهُمْ أَفْضَلُ وَأَخَصُّ بِصُحْبَتِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ، وَهُمُ الَّذِينَ
[ ص: 692 ] أَسْلَمُوا بَعْدَ
الْحُدَيْبِيَةِ ، وَبَعْدَ مُصَالَحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ
مَكَّةَ ، وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَهَؤُلَاءِ أَسْبَقُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمْ إِلَى فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَسُمُّوا الطُّلَقَاءَ ، مِنْهُمْ
أَبُو سُفْيَانَ وَابْنَاهُ
يَزِيدُ وَمُعَاوِيَةُ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ نَهَى مَنْ لَهُ صُحْبَةٌ آخِرًا أَنْ يَسُبَّ مَنْ لَهُ صُحْبَةٌ أَوَّلًا ، لِامْتِيَازِهِمْ عَنْهُمْ مِنَ الصُّحْبَةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْرَكُوهُمْ فِيهِ ، حَتَّى لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ
الْحُدَيْبِيَةِ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَتْحِ
مَكَّةَ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ لَيْسَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِحَالٍ مَعَ الصَّحَابَةِ ؟ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ - مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ - هُمُ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا ، وَأَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ كُلُّهُمْ مِنْهُمْ ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ .
وَقِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31104_28811إِنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ . فَإِنَّ الصَّلَاةَ إِلَى الْقِبْلَةِ الْمَنْسُوخَةِ لَيْسَ بِمُجَرَّدِهِ فَضِيلَةً ، لِأَنَّ النَّسْخَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى التَّفْضِيلِ بِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ ، كَمَا دَلَّ عَلَى التَّفْضِيلِ بِالسَّبْقِ إِلَى الْإِنْفَاقِ وَالْجِهَادِ وَالْمُبَايَعَةِ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .
وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ ، بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ - فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ، قَالَ
الْبَزَّارُ : هَذَا حَدِيثٌ
[ ص: 693 ] لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ هُوَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ .
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
جَابِرٍ ، قَالَ : قِيلَ
لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : إِنَّ نَاسًا يَتَنَاوَلُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ! فَقَالَتْ : وَمَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا ! انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْعَمَلُ ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ عَنْهُمُ الْأَجْرَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً - يَعْنِي مَعَ
[ ص: 694 ] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً . وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ : خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964526nindex.php?page=treesubj&link=28811خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، قَالَ
عِمْرَانُ : فَلَا أَدْرِي : أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، الْحَدِيثَ .
[ ص: 695 ] وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
جَابِرٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964527nindex.php?page=treesubj&link=28811_29388لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .
[ ص: 696 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ [ التَّوْبَةِ : 117 ] ، الْآيَاتِ .
وَلَقَدْ صَدَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَصْفِهِمْ ، حَيْثُ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَوَجَدَ قَلْبَ
مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ ، وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَأَوْهُ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّءٌ .
وَفِي رِوَايَةٍ : وَقَدْ رَأَى أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ جَمِيعًا أَنْ يَسْتَخْلِفُوا أَبَا بَكْرٍ . وَتَقَدَّمَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ . . . إِلَخْ ، عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ : وَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ .
فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ لِخِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَسَادَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ النَّبِيِّينَ ؟ بَلْ قَدْ فَضَلَتْهُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِخَصْلَةٍ ، قِيلَ
لِلْيَهُودِ : مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ ؟ قَالُوا : أَصْحَابُ
مُوسَى ، وَقِيلَ
لِلنَّصَارَى : مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ ؟ قَالُوا : أَصْحَابُ
عِيسَى ، وَقِيلَ
لِلرَّافِضَةِ : مَنْ شَرُّ
[ ص: 697 ] أَهْلِ مِلَّتِكُمْ ؟ قَالُوا : أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ ! ! لَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ ، وَفِيمَنْ سَبُّوهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّنِ اسْتَثْنَوْهُمْ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ .
وَقَوْلُهُ : وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ - أَيْ لَا نَتَجَاوَزُ الْحَدَّ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، كَمَا تَفْعَلُ الشِّيعَةُ ، فَنَكُونُ مِنَ الْمُعْتَدِينَ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [ النِّسَاءِ : 171 ] .