[ ص: 96 ] قوله : ( ما زال بصفاته قديما قبل خلقه ، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته ، وكما كان بصفاته أزليا ، كذلك لا يزال عليها أبديا . ) .
ش : أي : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29626الله سبحانه وتعالى لم يزل متصفا بصفات الكمال : صفات الذات وصفات الفعل . ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفا بها ، لأن صفاته سبحانه صفات كمال ، وفقدها صفة نقص ، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفا بضده . ولا يرد على هذه صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها ، كالخلق والتصوير ، والإماتة والإحياء ، والقبض والبسط والطي ، والاستواء والإتيان والمجيء ، والنزول ، والغضب والرضا ، ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله ، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ، ولكن أصل معناه معلوم لنا ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك رضي الله عنه ، لما سئل عن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ثم استوى على العرش ( الأعراف : 54 ) : كيف استوى ؟ فقال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول . وإن كانت هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت ، كما في حديث الشفاعة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964194إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله . لأن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع ،
[ ص: 97 ] ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن ، ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلما بالأمس لا يقال : إنه حدث له الكلام ، ولو كان غير متكلم لآفة كالصغر والخرس ، ثم تكلم يقال : حدث له الكلام ، فالساكت لغير آفة يسمى متكلما بالقوة ، بمعنى أنه يتكلم إذا شاء ، وفي حال تكلمه يسمى متكلما بالفعل ، وكذلك الكاتب في حال الكتابة هو كاتب بالفعل ، ولا يخرج عن كونه كاتبا في حال عدم مباشرته للكتابة .
[ ص: 96 ] قَوْلُهُ : ( مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا قَبْلَ خَلْقِهِ ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ ، وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا ، كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا . ) .
ش : أَيْ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29626اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ : صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ وُصِفَ بِصِفَةٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهَا ، لِأَنَّ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ صِفَاتُ كَمَالٍ ، وَفَقْدَهَا صِفَةُ نَقْصٍ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْكَمَالُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِضِدِّهِ . وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذِهِ صِفَاتُ الْفِعْلِ وَالصِّفَاتُ الِاخْتِيَارِيَّةُ وَنَحْوُهَا ، كَالْخَلْقِ وَالتَّصْوِيرِ ، وَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ ، وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَالطَّيِّ ، وَالِاسْتِوَاءِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ ، وَالنُّزُولِ ، وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ، وَإِنْ كُنَّا لَا نُدْرِكُ كُنْهَهُ وَحَقِيقَتَهُ الَّتِي هِيَ تَأْوِيلُهُ ، وَلَا نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا ، وَلَا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا ، وَلَكِنْ أَصْلُ مَعْنَاهُ مَعْلُومٌ لَنَا ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ( الْأَعْرَافِ : 54 ) : كَيْفَ اسْتَوَى ؟ فَقَالَ : الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ . وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ تَحْدُثُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ ، كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964194إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ . لِأَنَّ هَذَا الْحُدُوثَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرُ مُمْتَنَعٍ ،
[ ص: 97 ] وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ الْيَوْمَ وَكَانَ مُتَكَلِّمًا بِالْأَمْسِ لَا يُقَالُ : إِنَّهُ حَدَثَ لَهُ الْكَلَامُ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَكَلِّمٍ لِآفَةٍ كَالصِّغَرِ وَالْخَرَسِ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ يُقَالُ : حَدَثَ لَهُ الْكَلَامُ ، فَالسَّاكِتُ لِغَيْرِ آفَةٍ يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا بِالْقُوَّةِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ إِذَا شَاءَ ، وَفِي حَالِ تَكَلُّمِهِ يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا بِالْفِعْلِ ، وَكَذَلِكَ الْكَاتِبُ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ هُوَ كَاتِبٌ بِالْفِعْلِ ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ كَاتِبًا فِي حَالِ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ لِلْكِتَابَةِ .