وكم في الكتاب والسنة من دليل على . قال تعالى : تكليم الله تعالى لأهل الجنة وغيرهم سلام قولا من رب رحيم ( يس : 58 ) ، فعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلام قولا من رب رحيم ( يس : 58 ) ، فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ، ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم ، وتبقى بركته ونوره [ عليهم في ديارهم ] . رواه بينا أهل الجنة في نعيم إذ سطع لهم نور ، فرفعوا أبصارهم ، فإذا الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، وهو قول الله تعالى : وغيره . [ ص: 178 ] ففي هذا الحديث إثبات صفة الكلام ، وإثبات الرؤية ، وإثبات العلو ، وكيف يصح مع هذا أن يكون كلام الرب كله معنى واحدا ، وقد قال تعالى : ابن ماجه إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ( آل عمران : 77 ) ، فأهانهم بترك تكليمهم ، والمراد أنه لا يكلمهم تكليم تكريم ، وهو الصحيح ، إذ قد أخبر في الآية الأخرى أنه يقول لهم في النار : اخسئوا فيها ولا تكلمون ( المؤمنون : 108 ) ، فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين ، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء ، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلا . وقال في صحيحه : باب كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة ، وساق فيه عدة أحاديث . فأفضل نعيم أهل الجنة رؤية وجهه تبارك وتعالى ، وتكليمه لهم . فإنكار ذلك إنكار لروح الجنة وأعلى نعيمها وأفضله الذي ما طابت لأهلها إلا به . البخاري