فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28712تنازع الناس في كثير من الأحكام ولم يتنازعوا في آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها وإمرارها مع فهم معانيها وإثبات حقائقها ، وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا وأن العناية ببيانها أهم لأنها من تمام تحقيق الشهادتين ، وإثباتها من لوازم التوحيد ، فبينها الله سبحانه وتعالى ورسوله بيانا شافيا لا يقع فيه لبس يوقع الراسخين في العلم .
وآيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس ، وأما آيات الصفات فيشترك في فهم معناها الخاص والعام ، أعني فهم أصل المعنى لا فهم الكنه والكيفية ، ولهذا أشكل على بعض الصحابة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) حتى يبين لهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187من الفجر ) ولم يشكل عليه ولا على غيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) وغيرها من آيات الصفات ، وأيضا فإن آيات الأحكام مجملة عرف بيانها بالسنة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فهذا مجمل في قدر الصيام والإطعام ، فبينته السنة بأنه صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة ، ونظائره كثيرة كآية السرقة وآية الصلاة والزكاة والحج ، وليس في آيات الصفات وأحاديثها مجمل يحتاج إلى بيان من خارج بل بيانها فيها وإن جاءت السنة بزيادة في البيان والتفصيل .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28712تَنَازَعَ النَّاسُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَخْبَارِهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَلِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ عَلَى إِقْرَارِهَا وَإِمْرَارِهَا مَعَ فَهْمِ مَعَانِيهَا وَإِثْبَاتِ حَقَائِقِهَا ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَعْظَمُ النَّوْعَيْنِ بَيَانًا وَأَنَّ الْعِنَايَةَ بِبَيَانِهَا أَهَمُّ لِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِ تَحْقِيقِ الشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِثْبَاتَهَا مِنْ لَوَازِمَ التَّوْحِيدِ ، فَبَيَّنَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُولُهُ بَيَانًا شَافِيًا لَا يَقَعُ فِيهِ لَبْسٌ يُوقِعُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ .
وَآيَاتُ الْأَحْكَامِ لَا يَكَادُ يَفْهَمُ مَعَانِيَهَا إِلَّا الْخَاصَّةُ مِنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا آيَاتُ الصِّفَاتِ فَيَشْتَرِكُ فِي فَهْمِ مَعْنَاهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ ، أَعَنِي فَهْمَ أَصْلِ الْمَعْنَى لَا فَهْمَ الْكُنْهِ وَالْكَيْفِيَّةِ ، وَلِهَذَا أَشْكَلَ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187مِنَ الْفَجْرِ ) وَلَمْ يُشْكِلْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ) وَغَيْرُهَا مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ آيَاتِ الْأَحْكَامِ مُجْمَلَةٌ عُرِفَ بَيَانُهَا بِالسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) فَهَذَا مُجْمَلٌ فِي قَدْرِ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ ، فَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ ذَبْحُ شَاةٍ ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَآيَةِ السَّرِقَةِ وَآيَةِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ، وَلَيْسَ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ مِنْ خَارِجٍ بَلْ بَيَانُهَا فِيهَا وَإِنْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِزِيَادَةٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ .