ومن هذا القبيل ويقع على ما في ملكه في الحال حتى لو لم يكن يملك شيئا يوم الحلف ; كان اليمين لغوا حتى لو ملكه في المستقبل لا يعتق ; لأن هذا الكلام لا يستعمل إلا للحال فلا يتعلق به عتق ما ليس بمملوك له في الحال وكذا إذا علق بشرط قدم الشرط أو أخر بأن قول الرجل : كل مملوك لي فهو حر أو قال : إذا دخلت أو إذا ما دخلت أو متى دخلت أو متى ما دخلت أو قال : إن دخلت هذه الدار فكل مملوك لي حر فهذا كله على ما في ملكه يوم حلف وكذا إذا قال : كل مملوك أملكه ولا نية له ; لأن صيغة أفعل وإن كانت تستعمل للحال والاستقبال لكن عند الإطلاق يراد به الحال عرفا وشرعا ولغة أما العرف : فإن من قال : فلان يأكل أو يفعل كذا يريد به الحال أو يقول الرجل : أنا أملك ألف درهم يريد به الحال . قال : كل مملوك لي حر إن دخلت الدار
وأما الشرع : فإن من قال أشهد أن لا إله إلا الله يكون مؤمنا ولو قال : أشهد أن لفلان على فلان كذا يكون شاهدا ، ولو قال : أقر أن لفلان علي كذا صح إقراره .
وأما اللغة : فإن هذه الصيغة موضوعة للحال على طريق الأصالة ; لأنه ليس للحال صيغة أخرى وللاستقبال السين وسوف ، فكانت الحال أصلا فيها والاستقبال دخيلا فعند الإطلاق يصرف إلى الحال ولو قال : عنيت به ما استقبل ملكه ; عتق ما في ملكه للحال وما استحدث الملك فيه لما ذكرنا أن ظاهر هذه الصيغة للحال فإذا قال : أردت به الاستقبال فقد أراد صرف الكلام عن ظاهره فلا يصدق فيه ، ويصدق في قوله : أردت ما يحدث ملكي فيه في المستقبل فيعتق عليه بإقراره كما إذا قال : زينب طالق وله امرأة معروفة بهذا الاسم ثم قال : لي امرأة أخرى بهذا الاسم عنيتها طلقت المعروفة بظاهر هذا اللفظ والمجهولة باعترافه كذا ههنا وكذا لو أن هذا يقع على ما في ملكه وقت الحلف ولا يعتق ما يستفيده بعد ذلك إلا أن يكون نوى ذلك فيلزمه ما نوى لأن المراد من الساعة المذكورة هي الساعة المعروفة عند الناس وهي الحال لا الساعة الزمانية التي يذكرها المنجمون ; فيتناول هذا الكلام من كان في ملكه وقت التكلم لا من يستفيده بعده فإن قال : أردت به من أستفيده في هذه الساعة الزمانية يصدق فيه لأن اللفظ يحتمله وفيه تشديد على نفسه ولكن لا يصدق في صرفه اللفظ عمن يكون في ملكه للحال سواء أطلق أو علق بشرط - قدم الشرط أو أخر - بأن قال : كل مملوك أملكه الساعة فهو حر أو قال : كل مملوك أملكه حر إن دخلت الدار فهذا والأول سواء في أن اليمين إنما يتعلق بما في ملكه يوم حلف ; لأنه علق العتق بشرط فيتناول ما في ملكه لا ما يستفيده كما إذا قال : إن دخلت الدار ; فكل مملوك أملكه حر فإن قال : أردت به ما استحدث ملكه ; عتق ما في ملكه إذا وجد الشرط باليمين وما يستحدث بإقراره ; لأنه لا يصدق في صرف الكلام عن ظاهره ويصدق في التشديد على نفسه . قال : كل عبد يدخل الدار فهو حر
فإن لم يكن في ملكه يوم حلف مملوك فاليمين لغو ; لأنها تتناول الحال فإذا لم يكن له مملوك للحال لا تنعقد اليمين لانعدام المحلوف عليه بخلاف قوله : إن كلمت فلانا أو إن دخلت الدار فكل مملوك أشتريه فهو حر أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق ; لأن قوله أشتري أو أتزوج لا يحتمل الحال فاقتضى ملكا مستأنفا وقد جعل الكلام أو الدخول شرطا لانعقاد اليمين فيمن يشتري أو يتزوج فيعتبر ذلك بعد اليمين .