الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فإن هلك العبد قبل أن يختار الشريك الذي لم يعتق شيئا هل له أن يضمن المعتق إذا كان موسرا ؟ اختلفت الرواية فيه عن أبي حنيفة روى محمد عنه وهو رواية الحسن وإحدى روايتي أبي يوسف ، أن له أن يضمن المعتق ، وروى أبو يوسف رواية أخرى عنه أنه لا ضمان على المعتق ، وجه هذه الرواية أن تضمين المعتق ثبت نصا [ ص: 93 ] بخلاف القياس ; لما بينا فيما تقدم أن الشريك بالإعتاق تصرف في نصيب نفسه على وجه الاقتصار عليه ; لبقاء نصيب الشريك على ملكه ويده بعد الإعتاق ، إلا أن ولاية التضمين ثبتت شرعا بشريطة نقل ملك المضمون إلى الضمان ، فإذا هلك لم يبق الملك فلا يتصور نقله فتبقى ولاية التضمين على أصل القياس ، وجه رواية محمد أن ولاية التضمين قد ثبتت بالإعتاق فلا تبطل بموت العبد ، كما إذا مات العبد المغصوب في يد الغاصب .

                                                                                                                                وأما قوله : ملك الشريك بهلاك العبد خرج عن احتمال النقل .

                                                                                                                                فنقول : الضمان يستند إلى وقت الإعتاق فيستند ملك المضمون إلى ذلك الوقت كما في باب الغصب وهو في ذلك الوقت كان محتملا للنقل فأمكن إيجاب الضمان ، وإذا ضمن المعتق يرجع المعتق بما ضمنه في تركة العبد إن كان له تركة وإن لم يكن ، فهو دين عليه ; لما ذكرنا من أصل أبي حنيفة أن نصيب الشريك يبقى على ملكه وله أن يضمن المعتق إن كان موسرا ، وإذا ضمنه ملك المعتق نصيبه بالسبب السابق وهو الإعتاق وكان له أن يرجع بذلك في تركة العبد كما كان له أن يأخذ منه لو كان حيا وإن كان معسرا فله أن يرجع في تركة العبد وإن لم يترك شيئا فلا شيء للشريك ; لأن حقه عليه وهو قد مات مفلسا ; هذا إذا مات العبد .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية