الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال عبد رجل لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف درهم فاشتراه فالوكيل لا يخلو إما أن يبين وقت الشراء أنه يشتري نفس العبد للعبد .

                                                                                                                                وأما إن لم يبين ، فإن بين الشراء وعتق العبد بقبول الوكيل ، ويجب الثمن ; لأنه أتى بما وكل به فنفذ على الموكل ، ثم ذكر في الجامع أن المولى يطالب الوكيل ، ثم الوكيل يطالب العبد ، فقد جعل هذا التصرف في حكم معاوضة المال بالمال كالبيع ونحوه ; لأن حقوق العبد إنما ترجع إلى الوكيل في مثل هذه [ ص: 77 ] المعاوضة ، وذكر في كتاب الوكالة أنه يطالب العبد ولا يطالب الوكيل ، واعتبره معاوضة المال بما ليس بمال كالنكاح والخلع والطلاق على مال والصلح عن دم العمد ، وإن لم يبين يصير مشتريا لنفسه لا للعبد ; لأنه إذا لم يبين فالبائع رضي بالبيع لا بالإعتاق ، فلو قلنا : إنه يصير مشتريا للعبد ويعتق لكان فيه إثبات الولاية على البائع من غير رضاه ، وهذا لا يجوز ، وكذلك لو بين ، لكنه لو خالف في الثمن بأن اشترى بزيادة بأن يكون مشتريا لنفسه لما قلنا .

                                                                                                                                هذا إذا أمر العبد رجلا ، فأما إذا أمر رجل العبد بأن يشتري نفسه من مولاه بألف درهم فاشترى ، فإن بين وقت الشراء أنه يشتري للآمر فيكون للآمر ولا يعتق ; لأنه اشترى للآمر لا لنفسه ، فيقع الشراء للآمر ويصير قابضا لنفسه بنفس العقد ; لأنه في يد نفسه ، وليس للبائع أن يحبسه لاستيفاء الثمن ; لأنه صار مسلما إياه حيث عقد على شيء هو في يده وهو نفسه ، ولو وجد الآخر به عيبا له أن يرده ولكن العبد هو الذي يتولى الرد ; لأنه وكيل وحقوق هذا العقد ترجع إلى العاقد ، وإن لم يبين وقال لمولاه بع نفسي مني بألف درهم فباع صار مشتريا لنفسه وعتق ; لأن بيع نفس العبد منه إعتاق ، وكذا إذا بين وخالف أمره يصير مشتريا لنفسه ويعتق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية