الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإن شهد كل واحد منهما على صاحبه وأنكر الآخر يحلف أولا كل واحد منهما على دعوى صاحبه ; لأن كل واحد منهما بدعوى العتق على صاحبه يدعي وجوب الضمان على صاحبه أو السعاية على العبد ، وصاحبه ينكر ; فيحلف كل واحد منهما لصاحبه وهذا ; لأن فائدة الاستخلاف النكول ليقضي به ، والنكول إما بذل أو إقرار ، والضمان مما يصح بذله والإقرار به ، وإذا تحالفا سعى العبد لكل واحد منهما في نصف قيمته في قول أبي حنيفة ; لأن في زعم كل واحد منهما أن شريكه قد أعتق وأن له الضمان أو السعاية ، وتعذر التضمين حيث لم يصدقه الآخر فبقي الاستسعاء ، ولا فرق عند أبي حنيفة بين حال اليسار والإعسار .

                                                                                                                                وأما على قولهما : فإن كانا موسرين ، فلا سعاية لواحد منهما ; لأن كل واحد منهما يدعي الضمان على شريكه ، ويزعم أن لا سعاية له مع اليسار فلم يثبت له ما أبرأ العبد عنه وإن كانا معسرين يسعى العبد لكل واحد منهما ; لأن كل واحد منهما يزعم أن شريكه أعتق وهو معسر فلا حق إلا السعاية ، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا يسعى العبد للموسر ولم يسع للمعسر ; لأن الموسر يزعم أن لا ضمان على شريكه وإنما له السعاية على العبد ، والمعسر إنما يزعم أن الضمان على الشريك وأنه قد أبرأ العبد ، ثم هو عبد في قول أبي حنيفة ويسعى وهو رقيق إلى أن يؤدي ما عليه ; لأن المستسعى في حكم المكاتب على أصله ، وعندهما هو حر عليه دين حين شهد الموليان فيسعى وهو حر ; لأن في زعم كل واحد منهما أنه حر من جهة صاحبه ، ومن أقر بحرية عبد في ملكه عتق عليه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية