الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ، فإن كان في يد المستأجر فقدر ما أوقعه من العمل فيه يصير مسلما إلى المستأجر قبل الفراغ منه ; حتى يملك المطالبة بقدره من المدة بأن استأجر رجلا ليبني له بناء في ملكه ، أو فيما في يده ، بأن استأجره ليبني له بناء في داره ، أو يعمل له ساباطا أو جناحا ، أو يحفر له بئرا أو قناة [ ص: 205 ] أو نهرا أو ما أشبه ذلك في ملكه أو فيما في يده ، فعمل بعضه ، فله أن يطالبه بقدره من الأجرة .

                                                                                                                                لكنه يجبر على الباقي ، حتى لو انهدم البناء ، أو انهارت البئر ، أو وقع فيها الماء والتراب وسواها مع الأرض ، أو سقط الساباط فله أجر ما عمله بحصته ; لأنه إذا كان في ملك المستأجر أو في يده فكما عمل شيئا حصل في يده قبل هلاكه وصار مسلما إليه فلا يسقط بدله بالهلاك .

                                                                                                                                ولو كان غير ذلك في غير ملكه ويده ليس له أن يطلب شيئا من الأجرة قبل الفراغ من عمله ، وتسليمه إليه ، حتى لو هلك قبل التسليم لا يجب شيء من الأجرة ; لأنه إذا لم يكن في ملكه ، ولا في يده ، توقف وجوب الأجرة فيه على الفراغ والتمام ، وقال الحسن بن زياد : إذا أراه موضعا من الصحراء يحفر فيه بئرا فهو بمنزلة ما هو في ملكه ويده ، وقال في آخر الكلام : وهذا قياس قول أبي حنيفة ، وقال محمد : لا يكون قابضا إلا بالتخلية وإن أراه الموضع وهو الصحيح ; لأن ذلك الموضع بالتعيين لم يصر في يده فلا يصير عمل الأجير فيه مسلما له ، وإن كان ذلك في غير ملك المستأجر ويده فعمل الأجير بعضه ، والمستأجر قريب من العامل ، فخلى الأجير بينه وبينه ، فقال المستأجر : لا أقبضه منك حتى يفرغ ، فله ذلك ; لأن قدر ما عمل لم يصر مسلما إذا لم يكن في ملك المستأجر ولا في يده ; لأنه لا ينتفع ببعض عمله دون بعض ، فكان للمستأجر أن يمتنع من التسليم حتى يتمه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية