الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها الخلاف ، وهو سبب لوجوب الضمان إذا وقع غصبا ; لأن الغصب سبب لوجوب الضمان ، وجملة الكلام فيه أن الخلاف قد يكون في الجنس ، وقد يكون في القدر ، وقد يكون في الصفة ، وقد يكون في المكان ، وقد يكون في الزمان .

                                                                                                                                والخلاف من هذه الوجوه قد يكون في استئجار الدواب ، وقد يكون في استئجار الصناع كالحائك ، والصباغ ، والخياط خلا المكان .

                                                                                                                                أما استئجار الدواب فالمعتبر في الخلاف فيه في الجنس والقدر ، والصفة في استئجار الدواب ضرر الدابة ، فإن كان الخلاف فيه في الجنس ينظر : إن كان ضرر الدابة فيه بالخفة والثقل يعتبر الخلاف فيه من جهة الخفة والثقل ، فإن كان الضرر في الثاني أكثر يضمن كل القيمة إذا عطبت الدابة ; لأنه يصير غاصبا لكلها ، وإن كان الضرر في الثاني مثل الضرر في الأول أو أقل لا يضمن عندنا ; لأن الإذن بالشيء إذن بما هو مثله أو دونه فكان مأذونا بالانتفاع به من هذه الجهة دلالة ، فلا يضمن وإن كان ضرر الدابة فيه لا من حيث الخفة والثقل بل من وجه آخر لا يعتبر فيه الخلاف من حيث الخفة ، والثقل ، وإنما يعتبر من ذلك الوجه ; لأن ضرر الدابة من ذلك الوجه ، وإن كان الخلاف في القدر ، والضرر فيه من حيث الخفة والثقل يعتبر الخلاف في ذلك القدر ، ويجب الضمان بقدره ; لأن الغصب يتحقق بذلك القدر ، وإن كان الضرر فيه من جهة أخرى تعتبر تلك الجهة في الضمان لا الخفة ، والثقل ، وإن كان الخلاف في الصفة ، وضرر الدابة ينشأ منها يعتبر الخلاف فيها ، ويبنى الضمان عليها .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية