فصل وأما المطعن الثالث : وهو أن خروجها لم يكن إلا لفحش من لسانها ، فما أبرده من تأويل وأسمجه ، فإن المرأة من خيار الصحابة - رضي الله عنهم - وفضلائهم ، ومن المهاجرات الأول ، وممن لا يحملها رقة الدين وقلة التقوى على فحش يوجب إخراجها من دارها ، وأن يمنع حقها الذي جعله الله لها ونهى عن إضاعته ، فيا عجبا ! كيف لم ينكر عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفحش ؟ ويقول لها : اتقي الله وكفي لسانك عن أذى أهل زوجك واستقري في مسكنك ؟ وكيف يعدل عن هذا إلى قوله ( لا نفقة لك ولا سكنى ) إلى قوله ( إنما السكنى والنفقة للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة ) فيا عجبا ! كيف يترك هذا المانع الصريح الذي خرج من بين شفتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعلل بأمر موهوم لم يعلل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألبتة ، ولا أشار إليه ولا نبه عليه ؟ هذا من المحال البين . ثم لو كانت فاحشة اللسان وقد أعاذها الله من ذلك لقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعت وأطاعت : كفي لسانك حتى تنقضي عدتك ، وكان من دونها يسمع ويطيع لئلا تخرج من سكنه .