[ ص: 161 ] فصل
في
nindex.php?page=treesubj&link=30949هديه صلى الله عليه وسلم في مشيه وحده ومع أصحابه
كان إذا مشى تكفأ تكفؤا ، وكان أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000124ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن الشمس تجري في وجهه ، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له ، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث ) وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000125كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب ) وقال مرة (
إذا مشى تقلع ) قلت : والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب ، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة ، وهي أعدل المشيات وأرواحها للأعضاء وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت ، فإن الماشي إما أن يتماوت في مشيه ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة ، وهي مشية مذمومة قبيحة ، وإما أن يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الأهوج ، وهي مشية مذمومة أيضا ، وهي دالة على خفة عقل صاحبها ، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات حال مشيه يمينا وشمالا ، وإما أن يمشي هونا ، وهي
nindex.php?page=treesubj&link=30949_32635مشية عباد الرحمن كما وصفهم بها في كتابه فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) [ الفرقان : 63 ] قال غير واحد من السلف : بسكينة ووقار من غير تكبر ولا تماوت ، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب ، وكأنما الأرض تطوى له ، حتى كان الماشي معه يجهد نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غير مكترث ، وهذا يدل على أمرين : أن مشيته لم تكن مشية بتماوت ولا بمهانة ، بل مشية أعدل المشيات .
nindex.php?page=treesubj&link=32634_32635والمشيات عشرة أنواع : هذه الثلاثة منها ، والرابع : السعي ، والخامس : الرمل ، وهو أسرع المشي مع تقارب الخطى ويسمى : الخبب ، وفي الصحيح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000127خب في طوافه ثلاثا ومشى [ ص: 162 ] أربعا ) .
السادس : النسلان ، وهو العدو الخفيف الذي لا يزعج الماشي ولا يكرثه . وفي بعض المسانيد أن المشاة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشي في حجة الوداع فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000128استعينوا بالنسلان ) .
والسابع : الخوزلى ، وهي مشية التمايل ، وهي مشية يقال : إن فيها تكسرا وتخنثا .
والثامن : القهقرى ، وهي المشية إلى وراء .
والتاسع : الجمزى ، وهي مشية يثب فيها الماشي وثبا .
والعاشر : مشية التبختر ، وهي مشية أولي العجب والتكبر ، وهي التي خسف الله سبحانه بصاحبها لما نظر في عطفيه وأعجبته نفسه ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة .
وأعدل هذه المشيات مشية الهون والتكفؤ .
وأما مشيه مع أصحابه فكانوا يمشون بين يديه وهو خلفهم ويقول : ( دعوا ظهري للملائكة ) ولهذا جاء في الحديث : وكان يسوق أصحابه . وكان يمشي حافيا ومنتعلا ، وكان يماشي أصحابه فرادى وجماعة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000129ومشى في بعض [ ص: 163 ] غزواته مرة فدميت أصبعه وسال منها الدم فقال :
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
وكان في السفر ساقة أصحابه يزجي الضعيف ويردفه ويدعو لهم ، ذكره
أبو داود .
[ ص: 161 ] فَصْلٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30949هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْيِهِ وَحْدَهُ وَمَعَ أَصْحَابِهِ
كَانَ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا ، وَكَانَ أَسْرَعَ النَّاسِ مِشْيَةً وَأَحْسَنَهَا وَأَسْكَنَهَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000124مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ ، وَإِنَّا لَنُجْهِدَ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ ) وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000125كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ) وَقَالَ مَرَّةً (
إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ ) قُلْتُ : وَالتَّقَلُّعُ الِارْتِفَاعُ مِنَ الْأَرْضِ بِجُمْلَتِهِ كَحَالِ الْمُنْحَطِّ مِنَ الصَّبَبِ ، وَهِيَ مِشْيَةُ أُولِي الْعَزْمِ وَالْهِمَّةِ وَالشَّجَاعَةِ ، وَهِيَ أَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ وَأَرْوَاحُهَا لِلْأَعْضَاءِ وَأَبْعَدُهَا مِنْ مِشْيَةِ الْهَوَجِ وَالْمَهَانَةِ وَالتَّمَاوُتِ ، فَإِنَّ الْمَاشِيَ إِمَّا أَنْ يَتَمَاوَتَ فِي مَشْيِهِ وَيَمْشِيَ قِطْعَةً وَاحِدَةً كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَحْمُولَةٌ ، وَهِيَ مِشْيَةٌ مَذْمُومَةٌ قَبِيحَةٌ ، وَإِمَّا أَنْ يَمْشِيَ بِانْزِعَاجٍ وَاضْطِرَابٍ مَشْيَ الْجَمَلِ الْأَهْوَجِ ، وَهِيَ مِشْيَةٌ مَذْمُومَةٌ أَيْضًا ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى خِفَّةِ عَقْلِ صَاحِبِهَا ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ حَالَ مَشْيِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا ، وَإِمَّا أَنْ يَمْشِيَ هَوْنًا ، وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=30949_32635مِشْيَةُ عِبَادِ الرَّحْمَنِ كَمَا وَصَفَهُمْ بِهَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ) [ الْفُرْقَانِ : 63 ] قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ : بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ تَكَبُّرٍ وَلَا تَمَاوُتٍ ، وَهِيَ مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّهُ مَعَ هَذِهِ الْمِشْيَةِ كَانَ كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ، وَكَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ ، حَتَّى كَانَ الْمَاشِي مَعَهُ يُجْهِدُ نَفْسَهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ : أَنَّ مِشْيَتَهُ لَمْ تَكُنْ مِشْيَةً بِتَمَاوُتٍ وَلَا بِمَهَانَةٍ ، بَلْ مِشْيَةٌ أَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ .
nindex.php?page=treesubj&link=32634_32635وَالْمِشْيَاتُ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ : هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْهَا ، وَالرَّابِعُ : السَّعْيُ ، وَالْخَامِسُ : الرَّمَلُ ، وَهُوَ أَسْرَعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى وَيُسَمَّى : الْخَبَبَ ، وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000127خَبَّ فِي طَوَافِهِ ثَلَاثًا وَمَشَى [ ص: 162 ] أَرْبَعًا ) .
السَّادِسُ : النَّسَلَانُ ، وَهُوَ الْعَدْوُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يُزْعِجُ الْمَاشِيَ وَلَا يُكْرِثُهُ . وَفِي بَعْضِ الْمَسَانِيدِ أَنَّ الْمُشَاةَ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَشْيِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000128اسْتَعِينُوا بِالنَّسَلَانِ ) .
وَالسَّابِعُ : الْخَوْزَلَى ، وَهِيَ مِشْيَةُ التَّمَايُلِ ، وَهِيَ مِشْيَةٌ يُقَالُ : إِنَّ فِيهَا تَكَسُّرًا وَتَخَنُّثًا .
وَالثَّامِنُ : الْقَهْقَرَى ، وَهِيَ الْمِشْيَةُ إِلَى وَرَاءٍ .
وَالتَّاسِعُ : الْجَمَزَى ، وَهِيَ مِشْيَةٌ يَثِبُ فِيهَا الْمَاشِي وَثْبًا .
وَالْعَاشِرُ : مِشْيَةُ التَّبَخْتُرِ ، وَهِيَ مِشْيَةُ أُولِي الْعُجْبِ وَالتَّكَبُّرِ ، وَهِيَ الَّتِي خَسَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِصَاحِبِهَا لَمَّا نَظَرَ فِي عِطْفَيْهِ وَأَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَأَعْدَلُ هَذِهِ الْمِشْيَاتِ مِشْيَةُ الْهَوْنِ وَالتَّكَفُّؤِ .
وَأَمَّا مَشْيُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا يَمْشُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ خَلْفَهُمْ وَيَقُولُ : ( دَعُوا ظَهْرِي لِلْمَلَائِكَةِ ) وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : وَكَانَ يَسُوقُ أَصْحَابَهُ . وَكَانَ يَمْشِي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا ، وَكَانَ يُمَاشِي أَصْحَابَهُ فُرَادَى وَجَمَاعَةً ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000129وَمَشَى فِي بَعْضِ [ ص: 163 ] غَزَوَاتِهِ مَرَّةً فَدَمِيَتْ أُصْبُعُهُ وَسَالَ مِنْهَا الدَّمُ فَقَالَ :
هَلْ أَنْتَ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيَتَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتَ
وَكَانَ فِي السَّفَرِ سَاقَةُ أَصْحَابُهُ يُزْجِي الضَّعِيفَ وَيُرْدِفُهُ وَيَدْعُو لَهُمْ ، ذَكَرَهُ
أبو داود .