الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويحرم عليه ) أي : المحدث ( مس المصحف ) وبعضه لقوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } أي : لا يمس القرآن ، وهو خبر بمعنى النهي ورد بأن المراد اللوح المحفوظ والمطهرون : الملائكة ; لأن المطهر من طهره غيره ولو أريد بنو آدم لقيل المتطهرون وجوابه : أن المراد هم وبنو آدم قياسا عليهم ، بدليل ما روى عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم { كتب إلى أهل اليمن كتابا ، وكان فيه : لا يمس القرآن إلا طاهر } رواه الأثرم والنسائي والدارقطني متصلا .

                                                                                                                      قال الأثرم : واحتج به أحمد ورواه مالك مرسلا ( من غير حائل ) ; لأن النهي إنما ورد عن مسه ومع الحائل إنما يكون المس له دون المصحف ( ولو ) كان المس ( بغير يده ) لعموم ما سبق ولا يختص المس باليد ، بل كل شيء لاقى شيئا فقد مسه ( حتى جلده ) أي : المصحف ( وحواشيه ) والورق الأبيض المتصل به ; لأنه داخل في مسماه بدليل شمول البيع له .

                                                                                                                      ( ولو كان الماس ) للمصحف ( صغيرا ) فلا يجوز لوليه تمكينه من مسه ( إلا بطهارة كاملة ) كالمكلف ( ولو ) كانت الطهارة ( تيمما ) مطلقا .

                                                                                                                      وقال الموفق : [ ص: 135 ] إن احتاجه ، فإن عدم الماء لتكميل الوضوء تيمم للباقي ، ثم مسه ( سوى مس صغير لوحا فيه قرآن ) فلا يحرم مس اللوح من المحل الخالي من الكتابة للمشقة ( ولا ) يجوز تمكين الصغير من مس المحل ( المكتوب فيه ) القرآن من اللوح بلا طهارة لعدم الحاجة إليه لاستغنائه عنه بمس الخالي و ( ما حرم ) مما تقدم ( بلا وضوء حرم بلا غسل ) به بطريق الأولى لا العكس فإن قراءة القرآن تحرم بلا غسل فقط ( وللمحدث حمله ) أي : المصحف ( بعلاقته وفي غلافه ) أي : كيسه .

                                                                                                                      ( وفي خرج فيه متاع وفي كمه ) من غير مس له ; لأن النهي ورد عن المس والحمل ليس بمس ( و ) له ( تصفحه ) أي : تصفح المصحف ( بكمه أو ) ب ( عود ونحوه ) كخرقة وخشبة ; لأنه غير ماس له .

                                                                                                                      ( و ) له ( مسه ) أي : المصحف ( من وراء حائل ) لما تقدم ( كحمل رقى وتعاويذ فيها قرآن ) قال في الفروع وفاقا وهل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن أو فضة نقشت به ؟ قال في الإنصاف : فيه وجهان أو روايتان ثم قال الزركشي : ظاهر كلامه الجواز قال في النظم عن الدرهم المنقوش : هذا المنصور .

                                                                                                                      ( و ) له ( مس تفسير ورسائل فيها قرآن ) وكذا كتب حديث وفقه ونحوها فيها قرآن ; لأن اسم المصحف لا يتناولها وظاهره قل التفسير أو كثر ( و ) له مس ( منسوخ تلاوته ) وإن بقي حكمه " كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما " .

                                                                                                                      ( و ) له مس ( المأثور عن الله ) تعالى كالأحاديث القدسية ( و ) له مس ( التوراة والإنجيل ) والزبور وصحف إبراهيم وموسى وشيث إن وجدت ; لأنها ليست قرآنا .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية