( قال ) ومعنى هذا الكلام أن مباشرة فعل التطوعات وما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بفرض ، ولا إثم على من امتنع من ذلك ، ولكن أداء ذلك إلى الناس فريضة حتى إذا اجتمع أهل زمان على ترك نفل كانوا تاركين لفريضة مشتركين في المأثم ; لأن بترك النفل يندرس شيء من الشريعة وليس في ترك الأداء معنى الاندراس ونظير هذا أن وما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل فأداؤه إلى الناس فريضة فلا إثم عليه في ذلك ، ولو من امتنع من صلاة التطوع كان آثما معاتبا ; لأن في الأداء بغير طهارة تغيير حكم الشرع وليس في ترك الأداء تغيير حكم الشرع ، فإن المقصود بالتطوعات أحد شيئين قطع طمع الشيطان عن وسوسته بأن يقول إذا كان هذا العبد يؤدي ما ليس عليه كيف يترك أداء ما هو عليه فينقطع طمعه عن وسوسته بهذا ، وهو جبر لنقصان الفرائض على ما قال صلى الله عليه وسلم { صلى التطوع بغير طهارة } ، وإذا كان في التطوع هذا المقصود فلا يجوز ترك البيان فيه حتى يندرس فيفوت هذا المقصود أصلا فعرفنا أن أداءه إلى الناس فريضة ، وإن لم يكن مباشرة فعله فريضة إذا تمكن في فريضة العبد نقصان يقول الله تعالى لملائكته اجعلوا نوافل عبدي جبرا لنقصان فريضته