الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أقر بعض الورثة بوارثين فصدقه واحد من الورثة في أحدهما فإن أبا يوسف رحمه الله قال ينظر في نصيب الذي اجتمعا عليه من حصة المقر بهما لو كان أقر بهما فيعطي ذلك مما في يد المقر بهما فيضمه إلى ما في يد الذي صدق به ويقتسمانه على قدر نصيبهما في الأصل ويقسم الباقي في يد المقر بهما بينه وبين الآخر على حساب نصيبهما في الأصل لو كانا معروفين وزعم أن هذا الأصل هو قياس قول أبي حنيفة رحمه الله باعتبار أن حق المقر بهما يجعل كأن الآخر صدقه فيهما وفي حق المجحود يجعل كأن الآخر كذبه فيهما ، وبيان هذا الأصل من المسائل أن رجلا مات وترك فأقر أحدهما بأخوين معا وصدقه الآخر في أحدهما فإن المتفق عليه يأخذ من المقر بهما ربع ما في يدهما ; لأن الآخر لو صدقه فيهما لكان يأخذ منه ربع ما في يده فإن زعم أن حق كل واحد منهما في ربع التركة ، وفي يده جزء من التركة فإذا أخذ منه ذلك ضمه إلى ما في يد المصدق فيقتسمانه نصفين وما بقي في يد المقر بهما بينه وبين المجحود نصفين باعتبار زعمهما .

وأما عند محمد فالمتفق عليه يأخذ من المقر بهما خمس ما في يدهما ; لأنه يقول أنا قد أقررت بأن حقك في سهم وحقي في سهم وحق المجحود في سهم إلا أن أخي حين صدق بك فقد يحمل عني نصف مئونته فإنما بقي حقك فيما في يدي في نصف سهم وحق المجحود في سهم فيضعفه للكسر بالإنصاف فلهذا يأخذ منه خمس ما في يده ، ثم التخريج بعد ذلك كما قاله أبو يوسف ، وقد قدم هذه المسألة في كتاب الإقرار وأعادها ليبني عليها أخواتها ، فقال : لو ترك ابنين فأقر أحدهما بأخ وأخت معا وصدقه الآخر في الأخت وكذبه في الأخ .

فإن الأخت تأخذ من المقر بهما سبع ما في يده في قول أبي يوسف ; لأنه يزعم أن الميت خلف ثلاث بنين وابنة وأن القسمة من سبعة للأخت السبع من التركة فيعطيها سبع ما في يده فيضمه إلى ما في يد المصدق بها ويقاسمه للذكر مثل حظ الأنثيين باعتبار تصادقهما وما بقي في يد المقر بهما بينه وبين المجحود نصفان وقال محمد الأخت تأخذ تسع ما في يد المقر بهما ; لأنه يزعم أن الميت خلف ثلاث بنين وابنة وأن حق الابنة في سهم وحقه في سهمين وحق المجحود في [ ص: 77 ] سهمين إلا أن السهم الذي هو لها نصفه في يد المصدق ، وقد أقر بها فذلك يصل إليها من جهته فإنما تضرب هي فيما في يده بنصف سهم وهما بأربعة فانكسر بالإنصاف فأضعف الحساب فيكون تسعة فلهذا أخذت تسعي ما في يده ، ثم التخريج كما قال أبو يوسف ولو أقر أحدهما بأخ فلم يعطه شيئا حتى أقر بابن آخر وصدقه الابن المعروف في الآخر أخذ المقر به الأول نصف ما في يده لما بينا أن إقراره للثاني في كلام مفصول غير معتبر في حق الأول فيأخذ منه نصف ما في يده لهذا ويأخذ الآخر خمس ما في يده ; لأنه أقر له بسهم أيضا لكن الابن الآخر حين صدقه فيه فقد يحمل عنه نصف مؤنته فإنما يضرب هو فيما في يده بنصف سهم فلهذا يأخذ الآخر منه خمس ما في يده ويضمه إلى ما في يد المصدق فيقتسمانه نصفين ولو كان الأخ صدقه في المقر به الأول وكذبه في الآخر فإن المقر به الأول يأخذ من المقر ثلث ما في يده ; لأن في زعمه حين أقر به أولا أن حقه في ثلث التركة ولكن بعض التركة في يد الآخر ، وهو مصدق به فذلك يصل إليه من جهته فلهذا يأخذ مما في يده مقدار ما أقر له به ، وهو الثلث فيضمه إلى ما في يد المصدق به فيقتسمانه نصفين لتصادقهما وما بقي في يد المقر بهما بينه وبين الآخر لاعتبار إقراره في حقه

التالي السابق


الخدمات العلمية