الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا تكارى الرجل من الرجل دابة ، ونقده الكراء ثم أخذ منه كفيلا بالكراء ثم أفلس المكاري ، ولم يركب الرجل فعلى الكفيل أن يرد الكراء ; لأنه كفيل للمستكري عن المكاري ما وجب رده من الكراء المقبوض وحين أفلس المكاري ، ولم يجد المستكري الدابة ليركبها فقد وجب على المكاري رد جميع الكراء ، وقد كفل الكفيل [ ص: 204 ] بذلك فكان مطالبا به ; لأن إضافة الكفالة إلى سبب الوجوب صحيح ، فإن رضي من الكفيل أن يحمله إلى المكان الذي تكارا إليه فحمله وأنفق أكثر من الكراء لم يرجع الكفيل على المكاري إلا بالكراء الذي قبض من المستكري ; لأنه ما ضمن عنه إلا ذلك القدر فهو في الزيادة متبرع ، فإن قيل : كان ينبغي أن لا يرجع عليه بالكراء المقبوض أيضا ; لأنه ما نقد عنه الكراء ، وإنما أوفى عنه ما التزم من الحمل بعقد الإجارة والمكاري ما أمره أن يكفل عنه ذلك فكان هو في إيفاء ذلك بمنزلة متبرع أو كفيل بغير الأمر قلنا : لا كذلك فإنه بما أوفى من الحمل أسقط عن نفسه ضمان الكراء كما أنه بأداء المقبوض يسقط عن نفسه ضمان الكراء ، ولا يكون متبرعا بل هو محتاج إليه ليسقط به الضمان عن نفسه ، ولما أمره بالكفالة بالكراء عنه فقد أقامه مقام نفسه في إيفاء ما التزمه فلا فرق بين أن يوفي عنه الكراء ، وبين أن يوفي بما التزمه من الحمل فإنه يسقط به مطالبة المستكري إياه في ذلك ، وإن مات المكاري ، ولم يحمله فعلى الكفيل أن يرد الكراء ; لأن بموت المكاري قد انفسخ العقد ، ولزمه رد المقبوض من الكراء فإنه كفل الكفيل بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية