قال ( وإن يتيمم عندنا ولم يستعمل الماء ) وقال أجنب المسافر ومعه من الماء مقدار ما يتوضأ به رحمه الله تعالى يتوضأ بذلك الماء ثم يتيمم . وكذلك الشافعي عندنا يتيمم وعنده يستعمل الماء فيما يكفيه ثم يتيمم واستدل بقوله تعالى { المحدث إذا كان معه من الماء ما يكفيه لغسل بعض الأعضاء فلم تجدوا ماء } فذكره منكرا في موضع النفي وذلك يتناول القليل والكثير فما بقي واجدا لشيء من الماء لا يجوز له أن يتيمم ولأن الضرورة لا تتحقق إلا بعد استعمال الماء فيما يكفيه فهو لا يكون له أن يتناول الميتة ما لم يتناول تلك اللقمة الحلال ولا يبعد الجمع بين التيمم واستعمال الماء كما قلتم في سؤر الحمار . كمن أصابته مخمصة ومعه لقمة من الحلال
( ولنا ) قوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا } فإن المراد ماء يطهره . ألا ترى أن وجود الماء النجس لا يمنعه عن التيمم ولأنه معطوف على ما سبق وقد سبق بيان حكم الوضوء والاغتسال ثم عطف عليه قوله تعالى { فلم تجدوا ماء } فيكون المفهوم منه ذلك الماء الذي يتوضئون به ويغتسلون به عند الجنابة وهو غير واجد لذلك الماء ولأنه إذا لم يطهره استعمال هذا الماء لا يكون في استعماله إلا مضيعة [ ص: 114 ] ولأن الأصل لا يوفى بالأبدال ; لأنهما لا يلتقيان كما لا يكمل التكفير بالمال بالصوم ولا العدة بالشهور بالحيض ولو قلنا يتيمم بعد استعمال الماء كان فيه رفو الأصل بالبدل ولا نقول في مسألة المخمصة أنه يلزمه مراعاة الترتيب فإن ما معه من الحلال إذا كان لا يكفيه لسد الرمق فله أن يتناول معه الميتة . وفي سؤر الحمار الجمع بينهما عندنا للاحتياط لا لرفو الأصل بالبدل ولذلك لو أنه فإن كان يكفيه لما خوطب به يبطل تيممه وإن كان لا يكفيه لا يبطل تيممه اعتبارا للانتهاء بالابتداء . وجد الماء بعد التيمم