الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( ويخفي الإمام التعوذ والتسمية والتشهد وآمين وربنا لك الحمد ) أما التعوذ والتسمية فقد بينا والتشهد كذلك ، فإنه لم ينقل الجهر بالتشهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس توارثوا الإخفاء بالتشهد من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، والتوارث كالتواتر . وأما قوله : " اللهم ربنا لك الحمد " فقد طعنوا فيه وقالوا من مذهب أبي حنيفة أن الإمام لا يقولها أصلا فكيف يستقيم جوابه أنه يخفي بها ولكنا نقول عرف أبو حنيفة رحمه الله تعالى أن بعض الأئمة لا يأخذون بقوله لحرمة قول علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما ففرع على قولهما أنه يخفي بها إذا كان يقولها كما فرع مسائل المزارعة على قول من يرى جوازها ، فأما " آمين " فالإمام يقولها بعد الفراغ من الفاتحة إلا على قول مالك رحمه الله ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم : { إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين } ، والقسمة تقتضي أن الإمام لا يقولها .

ولنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } ، وفي الحديث الذي رووا زيادة ، فإنه قال : { فقولوا آمين } ، فإن الإمام يقولها وهذا اللفظ دليل على أن الإمام لا يجهر بها ، وهو قول علمائنا ومذهب علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما . وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه يجهر بها ، وهو قول ابن الزبير وأبي هريرة ، واستدل بحديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم : { كان إذا فرغ من الفاتحة في الصلاة قال آمين ومد بها صوته } ، ولكنا نستدل بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : { قال في صلاته آمين وخفض بها صوته } ، وتأويل حديثهم أنه قال اتفاقا لا قصدا أو كان لتعليم الناس أن الإمام يؤمن كما يؤمن القوم ، فإنه دعاء ، فإن معناه على ما قال الحسن اللهم أجب ، وفي قوله تعالى : { قد أجيبت [ ص: 33 ] دعوتكما } ما يدل عليه ، فإن موسى عليه السلام كان يدعو وهارون كان يؤمن .

والإخفاء في الدعاء أولى قال الله - تعالى - : { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } وقال عليه الصلاة والسلام : { خير الدعاء الخفي وخير الرزق ما يكفي } ، وفي التأمين لغتان أمين بالقصر وآمين بالمد والمد يدل على ياء النداء معناه يا آمين كما يقال في الكلام أزيد يعني يا زيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية