وكذلك المقيم يخرج من مصره فرسخين أو ثلاثة فله أن يتطوع على دابته ; لأنه في معنى المسافر يحتاج إلى قطع الوساوس عن نفسه ، ولا سير على الدابة هاهنا مديد كسير المسافر ، ولم يذكر في الكتاب إذا كان راكبا في المصر هل يتطوع على دابته ، وذكر في الهارونيات أن عند رحمه الله تعالى لا يجوز أبي حنيفة ، وعند التطوع على الدابة في المصر رحمه الله تعالى يجوز ويكره ، وعند محمد رحمه الله تعالى لا بأس به أبي يوسف رحمه الله تعالى قال : التطوع على الدابة بالإيماء جوزناه بالنص بخلاف القياس ، وإنما ورد النص به خارج المصر ، والمصر في هذا ليس في معنى خارج المصر ; لأن سيره على الدابة في المصر لا يكون مديدا عادة فرجعنا فيه إلى أصل القياس . وحكي أن وأبو حنيفة رحمه الله تعالى لما سمع هذا من أبا يوسف رحمه الله تعالى قال : حدثني فلان عن فلان { أبي حنيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب الحمار في المدينة يعود وكان يصلي وهو راكب سعد بن عبادة } فلم يرفع رحمه الله تعالى رأسه ، قيل : إنما لم يرفع رجوعا منه إلى الحديث ، وقيل : بل هذا حديث شاذ فيما تعم به البلوى ، والشاذ في مثله لا يكون حجة عنده ، فلهذا لم يرفع رأسه أبو حنيفة رحمه الله تعالى أخذ بالحديث وأبو يوسف رحمه الله تعالى كذلك إلا أنه كره ذلك في المصر ; لأن اللغط يكثر فيها فلكثرة اللغط ربما يبتلى بالغلط في القراءة فلذلك كره . ومحمد