ولو لم يسعه أن يفعل ذلك ; لأن العبد في حكم نفسه باق على أصل الحرية على ما بينا أن ذمته لا تدخل تحت القهر ، والملك ، فكما لا يسعه الإقدام على أن يفعل شيئا من ذلك بحر لو أكره عليه ، فكذلك العبد بخلاف سائر الأموال . أكرهه بوعيد قتل على أن يقتل عبده بالسيف ، أو [ ص: 70 ] على أن يقطع يده
( ألا ترى ) أن عند ضرورة المخمصة يجوز له أن يصرف ماله إلى حاجته ، وليس له أن يقتل عبده ليأكل من لحمه ، فإن ، فعله كان له أن يأخذ الذي أكرهه بقتله قودا بعبده إن كان مثله ، ويأخذ دية يده إن كان قطع يده بمنزلة ما لو باشر المكره ذلك بنفسه بناء على أصلنا أن القود يجري بين الأحرار ، والمماليك في النفس ، ولا يجري فيما دون النفس ، وإن كان الإكراه بحبس لم يكن على المكره شيء ، وإنما عليه الأدب بالضرب ، والحبس ، والإلجاء لم يتحقق ، فكان فعل القتل مقصورا على المولى ، فلا يرجع على المكره بشيء ، وليس على المولى سوى الإثم ; لأن الحق في بدل نفس العبد للمولى ، ولا يستوجب هو على نفسه عقوبة ، ولا مالا ، فأما الإثم ، فهو حق الشرع ، فكما يصير آثما بالإقدام على قتل الحر مكرها ; لأنه يؤثر روحه على روح من هو مثله في الحرمة ، ويطيع المخلوق في معصية الخالق ، وقد نهاه الشرع عن ذلك ، فكذلك المولى يكون آثما بهذا الطريق .