ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم
67 - ما كان لنبي ما صح له، ولا استقام أن يكون له أسرى (أن تكون) بصري، حتى يثخن في الأرض الإثخان: كثرة القتل والمبالغة فيه من: الثخانة، وهي: الغلظ والكثافة. يعني: حتى يذل الكفر بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام بالاستيلاء والقهر، ثم الأسر بعد ذلك. روي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسبعين أسيرا، فيهم العباس عمه وعقيل، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، فقال: قومك وأهلك استبقهم لعل الله يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك. وقال أبا بكر عمرو رضي الله عنه: كذبوك، وأخرجوك، فقدمهم، واضرب أعناقهم، فإن هؤلاء أئمة الكفر، وإن الله أغناك عن الفداء، مكن من عليا عقيل، من وحمزة العباس، ومكني من فلان -لنسيب له- فلنضرب أعناقهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "مثلك يا كمثل أبا بكر إبراهيم حيث قال: ومن عصاني فإنك غفور رحيم [إبراهيم: 36] ومثلك يا كمثل عمر نوح حيث قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [نوح: 26]" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم :إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم، واستشهد منكم بعدتهم". فقالوا: بل نأخذ الفداء، فاستشهدوا بأحد، فلما أخذوا الفداء نزلت الآية: تريدون عرض الدنيا متاعها، يعني: الفداء، سماه عرضا لقلة بقائه، وسرعة فنائه [ ص: 657 ] والله يريد الآخرة أي: ما هو سبب الجنة من إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل والله عزيز يقهر الأعداء حكيم في عتاب الأولياء.