قوله عز وجل:
ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون
قال -رحمه الله-: إن هذا القرن هم الطبري ثمود ، ورسولهم صالح -عليه السلام- وفي الروايات ما يقتضي أن قوم عاد أقدم إلا أنهم لم يهلكوا بصيحة، وفي هذا احتمالات كثيرة، والله أعلم.
و"أترفناهم" معناه: نعمناهم وبسطنا لهم الآمال والأرزاق، ومقالة هؤلاء أيضا تقتضي استبعاد بعثة البشر، وهذه الطائفة وقوم نوح لم يذكر في هذه الآيات أن المعجزة ظهرت لهم وأنهم كذبوا بعد وضوحها، ولكن ذلك مقدر معلوم وإن لم يعين لنا المعجزة، والعقاب لا يتعلق بأحد إلا بعد تركه الواجب عليه، ووجوب الاتباع إنما هو [ ص: 293 ] قيام الحجة على المرء أو على من هو المقصد والجمهور، كالعرب في معجزة القرآن، والأطباء لعيسى ، والسحرة لموسى ، فبقيام الحجة على هؤلاء قامت على جميع من ورائهم.