الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم

المعنى: ييسر من يشاء لأعمال من حق عليه العذاب، وييسر من يشاء لأعمال من سبقت له السعادة، فيتعلق الثواب والعقاب بالاكتساب المقترن بالاختراع الذي لله تبارك وتعالى في أعمال العبيد. ثم أخبر تعالى بأنه إليه المنقلب، وأن البشر ليس بمعجز ولا مفلت في الأرض ولا في السماء. ويحتمل أن يريد بالسماء الهواء علوا، أي: ليس للإنسان حيلة صعد أو نزل، حكى نحوه الزهراوي . ويحتمل أن يريد السماء المعروفة، أي: لستم بمعجزين في الأرض ولو كنتم في السماء، وقال ابن زيد : معناه: ولا من في السماء معجز إن عصى، ونظروه -على هذا- بقول حسان بن ثابت :


فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء؟

والتأويل الأوسط أحسنها، ونحوه قول الأعشى :

[ ص: 636 ]

ولو كنت في جب ثمانين قامة ورقيت أسباب السماء بسلم     ليستدرجنك القول حتى تهره
وتعلم أني عنك لست بملجم

والولي أخص من النصير، وقرأ يحيى بن القعقاع ، وابن الحرث : "ييسوا" بغير همز.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله :

ذم الله تعالى قوما هانوا عليه فقال: أولئك يئسوا من رحمتي .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله :

وما تقدم من قوله تعالى: " أولم يروا " إلى هذه الآية يحتمل أن يكون خطابا لمحمد صلى الله عليه وسلم، ويكون اعتراضا في قصة إبراهيم عليه السلام ، ويحتمل أن يكون خطابا لإبراهيم ومحاورة لقومه، وعند آخر ذلك ذكر جواب قومه.

التالي السابق


الخدمات العلمية