قوله عز وجل:
وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم
المعنى أن الأطفال أمروا بالاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكورة، وأبيح لهم الأمر في غير ذلك من الأوقات، ثم أمر الله تعالى في هذه الآية أن يكونوا -إذا بلغوا الحلم- على حكم الرجال في الاستئذان في كل وقت، وهذا بيان من الله عز وجل.
و "القواعد" يريد النساء اللائي قد أسنن وقعدن عن الولد، واحدتهن قاعد، وقال ربيعة : هي هنا التي تستقذر من كبرها، قال غيره: وقد تقعد المرأة عن الولد وفيها مستمتع، فلما كان الغالب من النساء أن ذوات هذا السن لا مذهب للرجل فيهن أبيح [ ص: 409 ] لهن ما لم يبح لغيرهن، وأزيل عنهن كلفة التحفظ المتعب; إذ علة التحفظ مرتفعة فيهن. وقرأ : "أن يضعن من ثيابهن"، وهي قراءة ابن مسعود ، وروي عن أبي أيضا: "من جلابيبهن"، ابن مسعود والعرب تقول: "امرأة واضع" للتي كبرت فوضعت خمارها، ثم استثني عليهن في وضع الثياب ألا يقصدن به التبرج وإبداء الزينة، فرب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر لها جمال ونحو هذا مما هو أقبح الأشياء وأبعده عن الحق.
والتبرج طلب البدو والظهور، ومنه: "بروج مشيدة"، وأصل ذلك بروج السماء والأسوار، والذي أبيح وضعه لهذه الصنيفة الجلباب الذي فوق الخمار والرداء، قاله ، ابن مسعود ، وغيرهما. وابن جبير
ثم ذكر تعالى أن تحفظ الجميع منهن واستعفافهن عن وضع الثياب والتزامهن ما يلتزمه الشباب من الستر، أفضل لهن وخير، وقرأ : "وأن يتعففن" بغير سين، ثم ذكر تعالى أنه سميع لما يقول كل قائل وقائلة، عليم بمقصد كل أحد في قوله، وفي هاتين الصفتين توعد وتحذير، والله الموفق للصواب برحمته. ابن مسعود