الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وكلوا واشربوا ولا تسرفوا الآية ظاهره يوجب الأكل والشرب من غير إسراف ؛ وقد أريد به الإباحة في بعض الأحوال والإيجاب في بعضها ، فالحال التي يجب فيها الأكل والشرب هي الحال التي يخاف أن يلحقه ضرر يكون ترك الأكل والشرب يتلف نفسه أو بعض أعضائه أو يضعفه عن أداء الواجبات ، فواجب عليه في هذه الحال أن يأكل ما يزول معه خوف الضرر ؛ والحال التي هما مباحان فيها هي الحال التي لا يخاف فيها ضررا بتركها . وظاهره يقتضي جواز أكل سائر المأكولات وشرب سائر الأشربة مما لا يحظره دليل بعد أن لا يكون مسرفا فيما يأتيه من ذلك ؛ لأنه أطلق الأكل والشرب على شريطة أن لا يكون مسرفا فيهما . والإسراف هو مجاوزة حد الاستواء ، فتارة يكون بمجاوزة الحلال إلى الحرام وتارة يكون بمجاوزة الحد في الإنفاق فيكون ممن قال الله تعالى : إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين والإسراف وضده من الإقتار مذمومان ، والاستواء هو التوسط ؛ ولذلك قيل دين الله بين المقصور والغالي ، قال الله تعالى : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا وقد يكون الإسراف في الأكل أن يأكل فوق الشبع حتى يؤديه إلى الضرر ، فذلك محرم أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية