الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ودونهما ) أي والماء دون القلتين بأن نقص عنهما أكثر من رطلين ، وتقديري الماء في كلامه تبعا للشارح ليوافق مذهب سيبويه وجمهور البصريين ; لأن دون عندهم ظرف لا يتصرف فلا يصح كونه مبتدأ ، وجوزه الأخفش والكوفيون واختلفوا فيما أضيف إلى مبنى كالواقع في عبارة المصنف ، فجوز الأخفش بناءه على الفتح لإضافته إلى مبنى ، وأوجب غيره رفعه على الابتداء ( ينجس بالملاقاة ) بنجاسة مؤثرة بخلاف المعفو عنها مما يأتي وإن لم يتغير الماء أو كان الواقع مجاورا أو عفي عنها في الصلاة فقط كثوب فيه قليل دم أجنبي غير مغلظ أو كثير من نحو براغيث ، ومثل الماء القليل كل مائع وإن كثر وجامد لاقى رطبا ، أما تنجس الماء القليل المتغير فبالإجماع ، وأما غير المتغير فلخبر مسلم { إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده } نهاه عن الغمس خشية التنجيس ، ومعلوم أنها إذا خفيت لا تغير الماء ، فلولا أنها تنجسه بوصولها لم ينهه ولمفهوم خبر القلتين .

                                                                                                                            قال الإسنوي : ويلتحق بالمائعات الماء الكثير المتغير كثيرا بطاهر ، وفارق كثير الماء كثير غيره بأن كثيره قوي ، ويشق حفظه من النجس بخلاف غيره وإن كثر كما قدمناه [ ص: 79 ] نعم لو تنجست يده اليسرى مثلا ثم غسل إحدى يديه وشك في المغسول أهو يده اليمنى أم اليسرى ثم أدخل اليسرى في مائع لم ينجس بغمسها فيه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ; لأن الأصل طهارته وقد اعتضد احتمال طهارة اليسرى والمراد بالملاقاة ورود النجاسة على الماء ، أما وروده عليها فسيأتي في باب النجاسة ( فإن بلغهما بماء ) ولو نجسا ومستعملا ومتغيرا بمستغنى عنه كما شمله تنكيره الماء ، ولا ينافيه حدهم المطلق بأنه ما يسمى ماء ; لأن هذا حد بالنظر للعرف الشرعي ، وما في كلامه تعبير بالنظر للوضع اللغوي وهو شامل للمطلق وغيره ( ولا تغير ) أي والحال أنه لا تغير به ( فطهور ) لزوال العلة حتى لو فرق بعد ذلك لم يضر ، والعبرة بالاتصال لا بالخلط حتى لو رفع حاجز بين صاف وكدر كفى ، وعلم من تعبيره بماء أنه لا يكفي بلوغهما بمائع مستهلك وبه صرح الرافعي كما مر ( فلو ) ( كوثر ) [ ص: 80 ] المتنجس القليل ( بإيراد طهور ) عليه ( فلم يبلغهما لم يطهر ) ; لأنه ماء قليل فيه نجاسة ، والمعهود من الماء أن يكون غاسلا لا مغسولا ( وقيل طاهر لا طهور ) ; لأنه مغسول كالثوب ، وقيل هو طهور ردا بغسله إلى أصله ، ومحل ذلك فيما ليس فيه نجاسة جامدة ، ولو انتفى الإيراد أو الطهورية أو الأكثرية فهو على نجاسته بلا خلاف ، ولا هنا اسم بمعنى غير ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها على صورة الحرف ، وهي معه صفة لما قبلها ، ولا يصح كونها عاطفة ; لأن من شرطها أن يتعاند معطوفاتها نحو جاءني رجل لا امرأة ، ولأن لا إذا دخلت على مفرد وهو صفة لسابق وجب تكرارها نحو { إنها بقرة لا فارض ولا بكر } { زيتونة لا شرقية ولا غربية }

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية