الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( أخبره بتنجسه ) أي الماء أو غيره ، أو باستعماله ولو على الإبهام ، أو بطهارته على التعيين قبل استعمال ذلك أو بعده وفارق الإبهام ، ثم التعيين هنا بأن التنجس على الإبهام يوجب اجتنابهما ، والطهارة على الإبهام لا تجوز استعمال واحد منهما [ ص: 99 ] وإن استويا في إفادة الإبهام جواز الاجتهاد في كل منهما ( مقبول الرواية ) رجلا كان أو امرأة عبدا كان أو حرا بصيرا كان أو أعمى ، عن نفسه أو عن عدل آخر ، بخلاف الكافر والفاسق والمجهول والمجنون والصبي ولو مميزا ، وفيما يعتمد المشاهدة فإن روايتهم لا تقيل ، نعم لو قال من هو من أهل التعديل أخبرني بذلك عدل فإنه يؤخذ به كما قاله الرافعي في شرح المسند ; ولو أخبر الصبي بعد بلوغه عما شاهده في صباه من تنجس إناء ونحوه قبل ووجب العمل بمقتضاه في الزمن الماضي أيضا . ومحل ما تقرر من عدم قبول من تقدم بالنسبة لإخبارهم عن فعل غيرهم ، فمن أخبر منهم عن فعل نفسه في غير المجنون كقوله بلت في هذا الإناء قبل كما قاله جمع قياسا على ما لو [ ص: 100 ] قال أنا متطهر أو محدث ، وكما يقبل خبر الذمي عن شاته بأنه ذكاها ، وكإخباره عن فعل نفسه إخباره المتواتر بأن كان جمعا يؤمن تواطؤهم على الكذب ، على أن القبول إنما هو من حيث العلم لا من حيث الإخبار . وعلم مما تقرر أن قول نحو الفاسق ممن ذكر طهرت الثوب مقبول لإخباره عن فعل نفسه ، بخلاف قوله طهر هذا الثوب أو غسل الميت وإن جرى بعضهم على قبوله في الشقين ( وبين السبب ) في تنجسه أو استعماله أو طهره كولوغ كلب سواء أكان عاميا أم فقيها موافقا للمخبر أم مخالفا ( أو كان فقيها ) في باب تنجس المياه ( موافقا ) للخبر في مذهبه في ذلك ( اعتمده ) حتما بخلاف غير الفقيه أو الفقيه المخالف أو المجهول مذهبه فلا يعتمده من غير تعيين لذلك لاحتمال أن يخبر بتنجس ما لم يتنجس عن المخبر .

                                                                                                                            ومثل ذلك ما لو كان الحكم الذي يخبر به قد وقع فيه نزاع واختلاف ترجيح ، فيكون الأرجح فيه أنه لا بد من بيان السبب ; لأنه قد يعتقد ترجيح ما لا يعتقد المخبر ترجيحه ، وحينئذ فيعلم من قولهم فقيها موافقا أنه يعلم الراجح في مسائل الخلاف ، ويظهر أن محل ما تقرر بالنسبة للمقلد ، إذ هو الذي يعلم اعتقاده فينظر هل المخبر يوافقه أم لا ؟ أما المجتهد فيبين له السبب مطلقا وإن عرف اعتقاده في المياه لاحتمال تغير اجتهاده ، وقد ذكرت الفرق بين ما هنا من وجوب التفصيل وعدم وجوبه في نحو الردة في شرح العباب .

                                                                                                                            ولو اختلف عليه خبر عدلين فصاعدا كأن قال أحدهما : ولغ الكلب في هذا الإناء دون ذاك وعكسه الآخر وأمكن صدقهما صدقا وحكم بنجاسة الماءين لاحتمال الولوغ في وقتين ، [ ص: 101 ] فلو تعارضا في الوقت أيضا بأن عيناه عمل بقول أوثقهما ، فإن استويا فبالأكثر عددا فإن استويا سقط خبرهما لعدم المرجح وحكم بطهارة الإناءين كما لو عين أحدهما كلبا كأن قال : ولغ هذا الكلب وقت كذا في هذا الإناء وقال الآخر : كان ذلك الوقت ببلد آخر مثلا ; ولو رفع نحو كلب رأسه من إناء فيه مائع أو ماء قليل وفمه رطب لم ينجس إن احتمل ترطبه من غيره عملا بالأصل وإلا تنجس ولو غلبت النجاسة في شيء والأصل فيه طاهر كثياب مدمني الخمر ومتدينين بالنجاسة ومجانين وصبيان وجزارين حكم بالطهارة عملا بالأصل وإن كان مما اضطربت العادة بخلافه كاستعمال السرجين في أواني الفخار خلافا للماوردي ، ويحكم أيضا بطهارة ما عمت به البلوى كعرق الدواب ولعابها ولعاب الصغار والجوخ ، وقد اشتهر استعماله بشحم الخنزير ونحو ذلك .

                                                                                                                            ومن البدع المذمومة غسل ثوب جديد وقمح وفم من نحو أكل خبز . والبقل النابت في نجاسة متنجس ، نعم ما ارتفع عن منبته طاهر ، ولو وجد قطعة لحم في إناء أو خرقة ببلد لا مجوس فيه فهي طاهرة أو مرمية مكشوفة فنجسة أو في إناء أو خرقة والمجوس بين المسلمين وليس المسلمون أغلب فكذلك ، فإن غلب المسلمون فظاهرة .

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية