[ ص: 141 ] 23 - كتاب القضاء والشهادات
1 - باب القضاء بين أهل الذمة
6095 - حدثنا ، قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم بن مالك نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية حين تحاكموا إليه .
قال : فذهب قوم إلى أن أهل الذمة إذا أصابوا شيئا من حدود الله تعالى لم يحكم عليهم المسلمون حتى يتحاكموا إليهم ، ويرضوا بحكمهم ، فإذا تحاكموا إليهم كان الإمام مخيرا إن شاء أعرض عنهم فلم ينظر فيما بينهم ، وإن شاء حكم . أبو جعفر
واحتجوا في ذلك أيضا بقول الله تعالى : فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم .
وخالفهم في ذلك آخرون ؛ فقالوا : على الإمام أن يحكم بينهم بأحكام المسلمين ، فكلما وجب على الإمام أن يقيمه على المسلمين فيما أصابوا من الحدود ، وجب عليه أن يقيمه على أهل الذمة غير ما استحلوا به في دينهم كشربهم الخمر وما أشبهه ، وأن ذلك يختلف حالهم فيه ، وحال المسلمين يعاقبون على ذلك ، وأهل الذمة لا يعاقبون عليه ما خلا الرجم في الزنا فإنه لا يقام عندهم على أهل الذمة ؛ لأن الأسباب التي يجب بها الإحصان في قولهم أحدها الإسلام .
فأما ما سوى ذلك من العقوبات الواجبات في انتهاك الحرمات فإن أهل الذمة فيه كأهل الإسلام ، ويجب على الإمام أن يقيمه عليهم ، وإن لم يتحاكموا إليه كما يجب عليه أن يقيمه على أهل الإسلام ، وإن لم يتحاكموا إليه .
وكان من الحجة لهم في حديث الذي ذكرنا أنه إنما أخبر فيه ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم اليهود حين تحاكموا إليه . ابن عمر
ولم يقل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما رجمتهم لأنهم تحاكموا إلي .
ولو كان قال ذلك لعلم أن الحكم منه إنما يكون إليه بعد أن يتحاكموا إليه ، وأنهم إذا لم يتحاكموا إليه لم ينظر في أمورهم .
ولكنه لم يجئ ، إنما جاء عنه أنه رجمهم حين تحاكموا إليه .
فإنما أخبر عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وحكمه إذ تحاكموا إليه ، ولم يخبر عن حكمهم عنده قبل أن يتحاكموا إليه هل يجب عليهم فيه إقامة الحد أم لا ؟
فبطل أن يكون في هذا الحديث دلالة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن من رأيه . ابن عمر
ثم نظرنا فيما سوى ذلك من الآثار هل نجد فيه ما يدل على شيء من ذلك . ؟