6180 - حدثنا ، قال : ثنا يونس ، أن ابن وهب حدثه ، عن مالكا ، عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي بكر بن عبد الرحمن أيما رجل ابتاع متاعا ، فأفلس الذي ابتاعه ، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا ، فوجده بعينه ، فهو أحق به ، فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء .
قالوا : فقد بان بهذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد في هذا الحديث الأول الباعة لا غيرهم .
فكان من الحجة للآخرين عليهم أن هذا الحديث منقطع ، لا يقوم بمثله حجة .
فإن قالوا : إنما قبلناه ، وإن كان منقطعا ، لأنه بين ما أشكل في الحديث المتصل .
قيل لهم : قد كان ينبغي لكم - لما اضطرب حديث هذا ، فرواه عنه أبي بكر بن عبد الرحمن كما ذكرنا آخرا ، ورواه عنه الزهري على ما وصفنا أولا - إن رجعوا إلى حديث غيره ، وهو عمر بن عبد العزيز ، فيجعلونه هو أصل حديث بشير بن نهيك ، ويسقطون ما خالفه . أبي هريرة
وإذا فعلتم ذلك ، عادت الحجة الأولى عليكم ، وإن لم تفعلوا ذلك ، كان لخصمكم أيضا أن يقول : هذا الحديث الذي رواه ، عن الزهري أبي بكر ، ففرق فيه بين حكم التفليس والموت ، هو غير الحديث الأول ، فيكون الحديث الأول عنده مستعملا من حيث تأوله ، ويكون هذا الحديث الثاني حديثا منقطعا شاذا ، لا يقوم بمثله حجة ، فيجب ترك استعماله .
فهذا الذي ذكرنا هو وجه الكلام في الآثار المروية في هذا الباب .
وأما وجه ذلك من طريق النظر ، فإنا رأينا الرجل إذا باع من رجل شيئا ، كان له أن يحبسه حتى ينقده الثمن .
وإن مات المشتري ، وعليه دين ، فالبائع أسوة الغرماء .
فكان البائع ، متى كان محبسا لما باع ، حتى مات المشتري ، كان أولى به من سائر غرماء المشتري .
ومتى دفعه إلى المشتري وقبضه منه ، ثم مات ، فهو وسائر الغرماء فيه ، سواء .
فكان الذي يوجب له الانفراد بثمنه ، دون الغرماء - هو بقاؤه في يده .
فلما كان ما وصفنا كذلك ، كان كذلك إفلاس المشتري إذا كان العبد في يد البائع فهو أولى به من سائر غرماء المشتري .
وإن كان قد أخرجه من يده إلى يد المشتري ، فهو وسائر الغرماء فيه سواء ، فهذه حجة صحيحة .
وحجة أخرى : أنا رأيناه إذا لم يقبضه المشتري ، وقد بقي للبائع كل الثمن ، أو نقده بعض الثمن ، وبقيت له عليه طائفة منه - أنه أولى بالعبد ، حتى يستوفي ما بقي له من الثمن .
فكان ببقائه في يده أولى به إذا كان له كل الثمن أو بعض الثمن ، ولم يفرق بين شيء من ذلك ، فجعل حكمه حكما واحدا .
[ ص: 167 ] فلما كان ذلك كذلك ، وأجمعوا أن المشتري إذا قبض العبد ونقد البائع من ثمنه طائفة ، ثم أفلس المشتري ، أن البائع لا يكون بتلك الطائفة الباقية له أحق بالعبد من سائر الغرماء ، بل هو وهم فيه سواء .
وكذلك إذا بقي له ثمنه كله حتى أفلس ، فلا يكون بذلك أحق بالعبد من سائر الغرماء ، ويكون هو وهم فيه سواء .
فيستوي حكمه إذا بقي له كل الثمن على المشتري ، أو بعض الثمن حتى أفلس المشتري ، كما استوى بقاؤهما جميعا له عليه ، حتى كان الموت الذي أجمعوا فيه على ما ذكرنا .
فثبت بالنظر ما ذكرنا من ذلك ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، رحمهم الله . ومحمد