( ومنها ) مكة لا يجوز بيعها ولا إجارتها على المذهب المنصوص واختلف في مأخذه فقيل ; لأن رباع مكة فتحت عنوة فصارت وقفا أو فيئا فلا ملك فيها لأحد وعلى هذا فينبني الخلاف في البيع والإجارة على الخلاف في فتحها عنوة أو صلحا ، وقيل بل ; لأن الحرم حريم البيت والمسجد الحرام وقد جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد ، فلا يجوز لأحد التخصيص بمكة وتحجيره بل الواجب أن يكون الناس فيه شرعا واحدا لعموم الحاجة إليه فمن احتاج إلى ما بيده منه سكنه وإن استغنى عنه وجب بذل فاضله للمحتاج إليه وهو مسلك في نظرياته وسلكه ابن عقيل في خلافه أيضا واختاره القاضي الشيخ تقي الدين وتردد كلامه في جواز البيع فأجازه مرة كبيع أرض العنوة عنده ويكون نقلا لليد بعوض ومنعه في أخرى إذ الأرض وأبعاض البناء من الحرم غير مملوك للباني وإنما له التأليف وقد رجح به بتقديمه في الانتفاع كمن ونقل بنى في أرض مسبلة للسكنى بناء من ترابها وأحجارها ابن منصور عن ما يدل على جواز البيع دون الإجارة وتأوله أحمد وعلى هذا المأخذ فقد يختص البيع بالقول بفتحها عنوة لمصير الأرض فيئا وقد نص القاضي في رواية أحمد على أن علة الكراهة أنها فتحت عنوة فصار المسلمون فيها شركا واحدا قال حنبل إنما ترك السواد لذلك قال : ولا يعجبني منازل السواد ولا أرضهم وهذا نص بكراهة المنع في سائر أراضي العنوة وبكل حال فلا يجب وعمر مكة إلا في الفاضل عن حاجة الساكن نص عليه الإسكان في دور