وأما النوع الثاني فله أمثلة :
( منها ) فيملك كل واحد منهم بحصته لاستحالة أن يكون كل واحد منهم مالكا لجميع العين . ثم هاهنا حالتان : عقود التمليكات المضافة إلى عدد
أحدهما : أن يكون التمليك بعوض مثل أن يبيع من رجلين عبدا أو عبدين بثمن فيقع الشراء بينهما نصفين ويلزم كل واحد نصف الثمن وإن كان لاثنين عبدان مفردان لكل واحد عبد فباعاهما من رجلين صفقة واحدة لكل واحد عبدا معينا بثمن واحد ففي صحة البيع وجهان أصحهما وهو المنصوص الصحة وعليه فيقتسمان الثمن على قدر قيمتي العبدين ، وذكر القاضي وجها آخر أنهما يقتسمانه على عدد رءوس المبيع نصفين تخريجا من أحد الوجهين وابن عقيل أنه يكون بينهن أرباعا وهو هاهنا بعيد جدا ; لأن البضع ليس بمال محض فكيف سوى به الأموال المبتغى بها الأرباح والتكسب وخرجاه أيضا في الكتابة وهو أقرب من البيع إذ الكتابة فيها معنى العتق . فيمن إذا تزوج أربعا في عقد بمهر واحد أو خالعهن بعوض واحد
الحالة الثانية : أن يكون بغير عوض مثل أن يهب لجماعة شيئا أو يملكهم إياه عن [ ص: 264 ] زكاة أو كفارة مشاعا في الكفارة فقياس كلام الأصحاب في التمليك بعوض أنهم يتساوون في ملكهم ، وحكى صاحب المغني فيما إذا ، ثلاثة أوجه : أحدها وهو الذي جزم به أولا أنه يجزيه ; لأنه ملكهم التصرف فيه والانتفاع به قبل القسمة كما لو دفع دين غرمائه بينهم . وضع طعاما في الكفارة بين يدي عشرة مساكين فقال : هو بينكم بالسوية فقبلوه
والثاني : وحكاه عن ابن حامد يجزيه وإن لم يقل بالتسوية ; لأن قوله خذوها عن كفارتي يقتضي التسوية ; لأن ذلك حكمها .
والثالث وافتتاح عن أنه إن علم أنه وصل إليه كل واحد قدر حقه أجزأ وإلا لم يجزه هذا ما ذكره . وأصل ذلك ما قاله القاضي في المجرد إذا القاضي . فقال شيخنا أفرد ستين مدا وقال لستين مسكينا خذوها فأخذوها أو قال كلوها ولم يقل بالسوية أو قال قد ملكتموها بالسوية فأخذوها أبو عبد الله بن حامد : يجزيه ; لأن قوله خذوها عن كفارتي يقتضي التسوية ; لأن حكم الكفارة أن يكون بينهم بالسوية فإن عرف أنها وصلت إليهم بالسوية أجزأه وإن علم التفاضل فمن حصل معه التفضيل فقد أخذ زيادة ومن أخذ أقل كان عليه أن يكمله وإن لم يعلم كيف وصل إليهم لم يجزيه وعليه استئنافها ; لأنه لم يعلم قدر ما وصل إلى كل واحد بعينه . انتهى .
فحكى الكل عن ابن حامد وصاحب المغني جعل الإجزاء مطلقا قول ابن حامد واعتبار الوصول قول وليس كذلك وكذلك استشكل الشيخ القاضي ما وقع في المجرد وقال لعله وقع غلط في النسخة وليس كذلك أيضا فإني نقلت ما ذكرته . قال : ولعل من أصل مجد الدين بخطه . ثم قال : عندي أنا إن قلنا ملكوها بالتخلية وأنها قبض أجزأته بكل حال . قال : ولعل هذا اختيار القاضي ابن حامد وهذا بعيد جدا بل اختيار ابن حامد عكسه وإن الهبة والصدقة لا تملك بدون قبض ، وقد قدمنا ذلك عنه في مسائل القبوض وإن القبض في المنقول بالنقل فيتوجه على هذا أنه لا بد من تحقيق قبض كل واحد لمقدار ما يجزئ دفعه إليه ; لأنه لم يملكه بدونه ولا عبرة بالإيجاب لهم بالسوية وما حكاه عن القاضي ابن حامد يشعر بأن إطلاق قوله خذوا هذا وهو لكم لا يحمل على التسوية ، فإنه إنما علل بأن التسوية حكم الكفارة وهذا مخالف لما قرروه في عقود المعاوضات .
وأما ماحكاه في المغني من طرد الخلاف فيما لو قال هو بينكم بالسوية أو اقتصر على قوله هو بينكم ألبتة فليس ذلك في كلام ويتخرج ذلك على أصل وهو أن القاضي وفي المسألة وجهان : إطلاق البينة هل يقتضي التساوي أم لا ؟
أحدهما : أنه يقتضيه وهو الذي ذكره الأصحاب في المضاربة إذا قال : خذ هذا المال فاتجر فيه والربح بيننا . أنهما يتساويان فيه وصرح القاضي والأصحاب في مسألة المضاربة في أن إطلاق القرار بشيء أنه بينه وبين زيد [ ص: 265 ] يتنزل على الناصفة أيضا ، وكذلك صرحوا به في الوصايا إذا قال وصيت لفلان وفلان بمائة بينهما أن لكل واحد خمسين . وابن عقيل
ونص عليه في رواية أحمد ابن منصور فيمن ليس للحي إلا خمسون درهما وكذلك لو قال لفلان وفلان مائة درهم وأحدهما ميت وأنكر قول قال بين فلان وفلان مائة درهم وأحدهما ميت بالتفرقة بينهما ، وهذا تصريح بأن إطلاق الوصية يتنزل على التساوي كما قال بينهما . سفيان
والوجه الثاني : أن إطلاق البينة لا تقتضي التساوي وبه جزم في خلافه القاضي في عمده في مسألة الإقرار في كتاب البيع وكذلك ذكره وابن عقيل في الإقرار وصاحبا المغني والمحرر أبو الخطاب