قال تعالى : والتفت الساق بالساق ، قال الوالبي في تفسيره عن في قوله : ابن عباس والتفت الساق بالساق يقول : آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله .
وروى من حديث ابن المنذر سلمة بن سابور عن عطية عن ابن [ ص: 121 ] عباس : والتفت الساق بالساق ، قال : الدنيا بالآخرة ، وكذلك قال . الضحاك
وعن عن ابن جريج في قوله : مجاهد والتفت الساق بالساق أمر الدنيا بأمر الآخرة ، وإنما لزوم الأمر عند الموت .
ومن حديث عن حماد بن سلمة كثير بن زياد عن في قول الله : الحسن والتفت الساق بالساق قال : ساق الآخرة وساق الدنيا ، أما سمعتم الشاعر يقول :
قد قامت الحرب بنا على ساق
قد تبين الفتح لمن هو ؟
وعن عن معمر في قوله : قتادة والتفت الساق بالساق قال : الساق للدنيا بساق الآخرة .
وعن : أبي عبيدة والتفت الساق بالساق قال : مثل شمرت عن ساقها . [ ص: 122 ]
وفيها قول ثان عن بشير قال سألت ، قلت : أرأيت قول الله : الحسن والتفت الساق بالساق الآية ، قال : هما ساقاك إذا التفتا .
ومن حديث عن سعيد : قتادة والتفت الساق بالساق قال : أما رأيت إذا حضر ضرب برجله رجله الأخرى .
ومن حديث شيبان عن : قتادة والتفت الساق بالساق : ماتت ساقاه فلم تحملاه ، وقد كان عليهما جوالا .
وعن عن داود بن أبي هند في قول الله : الشعبي والتفت الساق بالساق ، قال : ساقا الميت .
وقد يقال : الآية تعم المعنيين جميعا .
إلى ربك يومئذ المساق قال ابن ثور عن في قوله : ابن جريج إلى ربك يومئذ المساق قال : في الآخرة .
وقوله : «في الآخرة » لا يمنع أن يكون عند الرب ، كما قال من قال : التفت ساق الدينا بساق الآخرة ، وهو بالموت . كما قال تعالى : حتى إذا [ ص: 123 ] جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق [الأنعام :61 - 62] . وقد دخل على عثمان في مرضه ، فقال : كيف تجدك ؟ فقال : أجدني مردودا إلى الله مولاي الحق . ابن مسعود
وقال تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون [السجدة :11] ، وقال تعالى : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [الفجر :27 - 30] . وهذا الرد والرجوع مساقها إلى الله ، وهو هذا المعاد الذي يكون عند الموت . وقول المسترجع : «إنا لله وإنا إليه راجعون » يعم هذا وغيره . وهذا هو التوفي ، كما قال تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت [الزمر :42] ، وقال تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون [السجدة :11] .
وقوله تعالى : إن إلى ربك الرجعى [العلق :8] ، و إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه [الانشقاق :6] ونحو ذلك يتناول هذا وهذا .
وأول ما أنزل الله على رسوله سورة «اقرأ » ، ذكر فيها الإيمان بالله واليوم الآخر ، وذكر فيها حال الإنسان بين مبدئه ومعاده المذموم وحاله الممدوح ، فذكر حال الأشقياء والسعداء ، إذ قوله : اقرأ باسم ربك الذي [ ص: 124 ] خلق إلى قوله : الأكرم [العلق :1 - 3] تقرير للخلق والربوبية ، كما بيناه في غير هذا الموضع . وقوله : إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى [العلق :6 - 7] ، وهو لحاله المذموم ، وقوله : إن إلى ربك الرجعى ذكر للمعاد ، وما بعد ذلك ذكر حال المؤمن وحاله مع الكافر .