وأما وإن قصر زمن الجنون عند جماهير العلماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان مجنونا فإنه لا صلاة عليه حال جنونه، ولا قضاء عليه بعد الإفاقة، والمجانين منهم من يكون مع جنونه له نصيب من الإيمان أو الكشف ونحوه، وقد يسمى هؤلاء عقلاء المجانين، وقد يسمون المولهين، فهؤلاء إذا كانوا مجانين كانوا كما قال فيهم بعض أهل العلم: هم قوم أعطاهم الله عقولا وأحوالا، سلب عقولهم وأبقى أحوالهم، فأسقط ما فرض بما سلب. "رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ".
وأما من كان عاقلا فلا تسقط عنه الصلاة، وإن له من الأحوال والمعارف وخوارق العادات ما عسى أن يكون، بل إذا لم يقر بوجوب الصلاة عليه فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وكذلك من قرره على ذلك واعتقد أن الصلاة لا تجب على مثل هؤلاء لحصول [ ص: 120 ] مقصود الصلاة لهم ونحو ذلك، فإنه من اعتقد ذلك يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ومن كان نائما فإنه يقضي الصلاة إذا استيقظ. وهذا كله لا نزاع فيه بين المسلمين.
وأما وهو مذهب من أغمي عليه لمرض أو خوف أو حال ورد عليه من خشية الله تعالى أو استماع القرآن ونحو ذلك، فهذا قيل: يجب عليه القضاء مطلقا، ويروى عن أحمد، وقيل: لا قضاء عليه وهو مذهب عمار بن ياسر، وقيل: يقضي صلاة يوم وليلة، كمذهب الشافعي، أبي حنيفة ومالك.
بلا نزاع، وإذا كان السبب محصورا لا يكون السكران معذورا. وإن زال عقله بسبب محرم، كالسكر بالخمر والحشيشة وأكل البنج ونحو ذلك، أو بحال محرم مثل أن يستمع القصائد المنهي عنها فيغيب عقله، فهذا عليه القضاء