129 - ( فصل )
فإن قيل : فما تقولون فيما إذا . قيل : تعود إليه من حين وقعت عليها القرعة ، ويقع الطلاق بالمذكورة ، فإن القرعة إنما كانت لأجل الاشتباه ، وقد زال بالتذكر ، إلا أن تكون التي وقعت عليها القرعة قد تزوجت ، أو كانت القرعة بحكم الحاكم ، فإنها لا تعود إليه ، نص عليه الإمام خرجت القرعة على امرأة ، ثم ذكر بعد ذلك أن المطلقة غيرها . أحمد
قال : أخبرني الخلال : أنه ناظر الميموني في مسألة الذي له أربع نسوة ، فطلق واحدة منهن ، ثم لم يدر ، قال : يقرع بينهن ، وكذلك في الأعبد ، قلت : فإن أقرع بينهن ، فوقعت القرعة [ ص: 264 ] على واحدة ، ثم ذكر التي طلق ؟ قال : ترجع إليه ، والتي ذكر أنه طلق يقع الطلاق عليها ، قلت : فإن تزوجت ؟ قال : هو إنما دخل في القرعة لأنه اشتبه عليه ، فإذا تزوجت فذا شيء قد مر ، فقال له رجل : فإن كان الحاكم أقرع بينهن ؟ قال : لا أحب أن ترجع إليه ، لأن الحاكم في ذا أخبر منه ، فرأيته يغلظ أمر الحاكم إذا دخل في الإقراع بينهن . أبا عبد الله
وقد توقف في الجواب في رواية أبي الحارث ، فإنه قال : سألت ، قلت : فإن طلق واحدة من أربع وأقرع بينهن ، فوقعت القرعة على واحدة ، وفرق بينه وبينها ، ثم ذكر وتيقن - بعدما فرق الحاكم بينهما - أن التي طلق في ذلك الوقت : هي غير التي وقعت عليها القرعة ؟ قال : اعفني من هذه ، قلت : فما ترى العمل فيها ؟ قال : دعها ، ولم يجب فيها بشيء . أبا عبد الله
قلت : أما إذا تزوجت فلا يقبل قوله : إن المطلقة كانت غيرها ، لما فيه من إبطال حق الزوج . فإن قيل : فلو أقام بينة أن المطلقة غيرها . قيل : لا ترد إليه أيضا ، فإن القرعة تصيب طريقا إلى وقوع الطلاق فيمن أصابتها ، ولو كانت غير المطلقة في نفس الأمر ، فالقرعة فرقت بينهما ، وتأكدت الفرقة بتزويجها .
فإن قيل : فهذا ينتقض بما إذا ذكر قبل أن تنكح . قيل : أما إذا انقضت عدتها وملكت نفسها ، ففي قبول قوله عليها نظر ، فإن صدقته أن المطلقة كانت غيرها ، فقد أقرت له بالزوجية ، ولا منازع له وأما إذا ذكر ، وهي في العدة ، فإن كان الطلاق رجعيا فلا إشكال ، فإنه يملك رجعتها بغير رضاها ، فيقبل قوله إن المطلقة غيرها ، وإن كان الطلاق بائنا ، فله عليه حق حبس العدة ، وهي محبوسة لأجله ، والفراش قائم ، حتى ولو أتت بولد في مدة الإمكان لحقه ، فإذا ذكر أن المطلقة غيرها كان القول قوله ، كما لو شهدت بينة بأنه طلقها ، ثم رجع الشهود ; ولكن لما كانت البينة غير متهمة ردت إليه مطلقا ، بخلاف قوله : إن المطلقة غيرها ، فإنه متهم فيه ، وكذلك لا ترد إليه بعد نكاحها ، ولا بعد حكم الحاكم .
والقياس : أنها لا ترد إليه بعد انقضاء عدتها وملكها نفسها ، إلا أن تصدقه ، ولهذا لو قال بعد انقضاء عدتها : كنت راجعتك قبل انقضاء العدة ، لم تقبل منه إلا ببينة أو تصديقها ، ولو قال ذلك والعدة باقية ، قبل منه لأنه يملك إنشاء الرجعة .
وأما إذا كانت القرعة بحكم الحاكم : فإن حكمه يجري مجرى التفريق بينهما فلا يقبل قوله : إن المطلقة غيرها .