الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=19337_1361 [ ص: 77 ] باب بيان أن السرة والركبة ليستا من العورة
521 - ( عن أبي موسى { nindex.php?page=hadith&LINKID=4038أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء فكشف عن ركبتيه أو ركبته فلما دخل عثمان غطاها } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) .
الحديث في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الصلاة باللفظ الذي ذكرناه في شرح حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وقد تقدم الكلام على الحديث هنالك ، وهو بهذا اللفظ المذكور هنا في المناقب من صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف به وبما بعده لمذهب من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=19337_1361الركبة والسرة ليستا من العورة ، أما الركبة فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنها ليست عورة ، وقال الهادي والمؤيد بالله nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : إنها عورة . وأما السرة فالقائلون بأن الركبة عورة قائلون بأنها غير عورة وخالفهم في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فقال : إنها عورة على عكس ما مر له في الركبة
والاحتجاج بحديث الباب لمن قال : إن الركبة ليست بعورة لا يتم ; لأن الكشف كان لعذر الدخول في الماء ، وقد تقدم في الغسل أدلة جوازه والخلاف فيه ، وأيضا تغطيتها من عثمان مشعر بأنها عورة وإن أمكن تعليل التغطية بغير ذلك فغاية الأمر الاحتمال . واستدل القائلون بأن الركبة من العورة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23166عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته } وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا عند الحارث بن أبي أسامة في مسنده بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=23166عورة الرجل ما بين سرته وركبته } وحديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بنحوه قالوا : والحد يدخل في المحدود كالمرفق وتغليبا لجانب الحصر
ورد أولا بأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب فيه nindex.php?page=showalam&ids=16290عباد بن كثير وهو متروك ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فيه شيخ الحارث بن أبي أسامة داود بن المحبر ، رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16290عباد بن كثير عن أبي عبد الله الشامي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عنه ، وهو مسلسل بالضعفاء إلى nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر عن أصرم بن حوشب وهو متروك ، وبالمنع من دخول الحد في المحدود والقياس على الوضوء باطل ، لأنه دخل بدليل آخر ولأن غسله من مقدمة الواجب وأيضا يلزمهم القول بأن السرة عورة وهم لا يقولون بذلك الجواب . وقد استدل المهدي في البحر للقائلين بأن الركبة عورة لا السرة بقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=975أسفل من سرته إلى ركبته } وبتقبيل nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة سرة الحسن وروايته ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي
ويمكن الاستدلال لمن قال : إن السرة والركبة ليستا من العورة بما في سنن أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني وغيرهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10087وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة } ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا ولكنه أخص من الدعوى والدليل على مدعي [ ص: 78 ] أنهما عورة ، والواجب البقاء على الأصل والتمسك بالبراءة حتى ينتهض ما يتعين به الانتقال فإن لم يوجد فالرجوع إلى مسمى العورة لغة هو الواجب ، ويضم إليه الفخذان بالنصوص السالفة .
522 - ( وعن عمير بن إسحاق قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=41257كنت مع الحسن بن علي فلقينا nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة فقال : أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، فقال بقميصه فقبل سرته } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) . الحديث في إسناده عمير بن إسحاق الهاشمي مولاهم ، وفيه مقال . وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه بإسناد آخر من طريق غير عمير المذكور ، وقد استدل به من قال : إن السرة ليست بعورة ، وهو لا يفيد المطلوب لأن فعل nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لا حجة فيه ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقع والحسن طفل ، وفرق بين عورة الصغير والكبير ، وإلا لزم أن ذكر الرجل ليس بعورة لما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=7940أنه صلى الله عليه وسلم قبل زبيبة الحسن أو nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث أبي ليلى الأنصاري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وإسناده ليس بالقوي ، وروي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=19144رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرج ما بين فخذي nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين وقبل زبيبته } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وفي إسناده قابوس بن أبي ظبيان وقد ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي قال ابن الصلاح : ليس في حديث أبي ليلى تردد بين الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين إنما هو الحسن ، وقد وقع الإجماع على أن القبل والدبر عورة فاللازم باطل فلا يكون الحديث متمسكا لمن قال : إن السرة ليست بعورة ، وقد حكى المهدي في البحر الإجماع على أن سرة الرجل ليست بعورة ، ثم قال : وفي دعوى الإجماع نظر ، وقد عرفناك أن القائل بذلك غير محتاج إلى الاستدلال عليه
قوله : ( فقال بقميصه ) هذا من التعبير بالقول عن الفعل وهو كثير .
523 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ، فرجع من رجع ، وعقب من عقب ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا قد حفزه النفس قد حسر عن ركبتيه فقال { nindex.php?page=hadith&LINKID=76أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم يقول : انظروا إلى عبادي قد صلوا فريضة ، وهم ينتظرون أخرى } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ) . الحديث رجاله في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه رجال الصحيح فإنه قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14273أحمد بن سعيد الدارمي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15409النضر بن شميل حدثنا حماد عن nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت عن أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو فذكره . قوله [ ص: 79 ] وعقب من عقب ) يقال : عقبه تعقيبا إذا جاء بعقبه . وقال في النهاية : إن معنى قوله عقب أي أقام في مصلاه بعد ما يفرغ من الصلاة ، يقال صلى القوم وعقب فلان
قوله : ( حفزه النفس ) في القاموس حفزه يحفزه دفعه من خلفه وبالرمح طعنه وعن الأمر أعجله وأزعجه ا هـ .
والحديث من أدلة من قال : إن الركبة ليست بعورة ، وقد تقدم الكلام على ذلك . وفيه أن انتظار الصلاة بعد فعل الصلاة من موجبات الأجر وأسباب مباهاة رب العزة لملائكته بمن فعل ذلك .
524 - ( وعن { nindex.php?page=hadith&LINKID=133nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما صاحبكم فقد غامر فسلم } وذكر الحديث . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ) .
قوله : ( غامر ) المغامر في الأصل الملقي بنفسه في الغمرة ، وغمرة الشيء شدته ومزدحمه ، الجمع غمرات . والمراد بالمغامرة هنا المخاصمة أخذا من الغمر الذي هو الحقد والبغض . والحديث يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=19337_1361الركبة ليست عورة . قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: والحجة منه أنه أقره على كشف الركبة ولم ينكر عليه ا هـ .