الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من ير الفخذ من العورة وقال : هي السوأتان فقط .

                                                                                                                                            519 - ( عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه ، فلما قاموا قلت : يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما ، وأنت على حالك فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك ، فقال : يا عائشة ألا أستحيي من رجل ، والله إن الملائكة لتستحيي منه } . رواه أحمد وروى أحمد هذه القصة من حديث حفصة بنحو ذلك ولفظه : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه ، وفيه : فلما استأذن عثمان تجلل بثوبه } ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرج نحوه البخاري تعليقا ، فقال في صحيحه : في بعض ما يذكر في الفخذ [ ص: 76 ] وقال أبو موسى : { غطى النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان } ، وأخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ : قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه } الحديث وفيه { فلما استأذن عثمان جلس } . وحديث حفصة أخرجه الطحاوي والبيهقي من طريق ابن جريج قال : أخبرني أبو خالد عن عبد الله بن سعيد المدني حدثتني حفصة بنت عمر قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي يوما وقد وضع ثوبه بين فخذيه فدخل أبو بكر } الحديث . والحديث استدل به من قال : إن الفخذ ليست بعورة ، وقد تقدم ذكرهم في الباب الأول وهو لا ينتهض لمعارضة الأحاديث المتقدمة

                                                                                                                                            الأول : ما قدمنا من أنها حكاية فعل . الثاني : أنها لا تقوى على معارضة تلك الأقوال الصحيحة العامة لجمع الرجال . الثالث : التردد الواقع في رواية مسلم التي ذكرناها " ما بين الفخذ والساق " والساق ليس بعورة إجماعا . الرابع : غاية ما في هذه الواقعة أن يكون ذلك خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يظهر فيها دليل يدل على التأسي به في مثل ذلك ، فالواجب التمسك بتلك الأقوال الناصة على أن الفخذ عورة .

                                                                                                                                            520 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه } . رواه أحمد والبخاري وقال : حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط ) .

                                                                                                                                            قوله : ( حسر الإزار ) بمهملات مفتوحات أي كشف ، وضبطه بعضهم بضم أوله وكسر ثانيه على البناء للمفعول بدليل رواية مسلم فانحسر . قال الحافظ : وليس ذلك بمستقيم ، إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاري على خلافه ، وزاد البخاري في هذا الحديث عن أنس بلفظ : { وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله } وهو من جملة حجج القائلين بأن الفخذ ليست بعورة ، لأن ظاهره أن المس كان بدون الحائل ، ومس العورة بدون حائل لا يجوز ، ورد بما في صحيح مسلم ومن تابعه من أن الإزار لم تنكشف بقصد منه صلى الله عليه وسلم ، ويمكن أن يقال : إن الاستمرار على ذلك يدل على مطلوبهم لأنه وإن كان من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقر على ذلك لمكان عصمته صلى الله عليه وسلم ، وظاهر سياق أبي عوانة والجوزقي من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز يدل على استمرار ذلك لأنه بلفظ : { فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله وإني لأرى بياض فخذيه } وقد عرفت الجواب عن هذا الاحتجاج مما سلف




                                                                                                                                            الخدمات العلمية