الأول : ظاهر هذه الآية الكريمة أن الخلع يجوز بأكثر من الصداق ; وذلك لأنه تعالى عبر بما الموصولة في قوله : فلا جناح عليهما فيما افتدت به [ 2 \ 229 ] ، وقد تقرر في الأصول أن ; لأنها تعم كل ما تشمله صلاتها كما عقده في " مراقي السعود " بقوله : [ الرجز ] الموصولات من صيغ العموم
صيغه كل أو 2 ( 212 ) الجميع وقد تلا الذي التي الفروع
وهذا هو مذهب الجمهور ، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية ما نصه : وقد اختلف العلماء رحمهم الله في أنه هل يجوز . للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها
فذهب الجمهور إلى جواز ذلك ; لعموم قوله تعالى : فلا جناح عليهما فيما افتدت به .
[ ص: 144 ] وقال : حدثنا ابن جرير ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، أخبرنا ابن علية أيوب عن كثير مولى ابن سمرة : أن عمر أتي بامرأة ناشز فأمر بها إلى بيت كثير الزبل ، ثم دعاها فقال : كيف وجدت ؟ فقالت : ما وجدت راحة منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التي كنت حبستني . فقال لزوجها : اخلعها ولو من قرطها ، ورواه عبد الرزاق عن معمر ، عن أيوب ، عن كثير مولى ابن سمرة فذكر مثله ، وزاد فحبسها فيه ثلاثة أيام .
وقال ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن ، أن امرأة أتت حميد بن عبد الرحمن فشكت زوجها فأباتها في بيت الزبل ، فلما أصبحت قال لها : كيف وجدت مكانك ؟ قالت : ما كنت عنده ليلة أقر لعيني من هذه الليلة . فقال : خذ ولو عقاصها . عمر بن الخطاب
وقال : وأجاز البخاري عثمان الخلع دون عقاص رأسها .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن : أن عبد الله بن محمد بن عقيل حدثته قالت : كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني ، ويحرمني إذا غاب ، قالت : فكانت مني زلة يوما ، فقلت له : أختلع منك بكل شيء أملكه ، قال : نعم ، قالت : ففعلت ، قالت : فخاصم عمي الربيع بنت معوذ بن عفراء إلى معاذ بن عفراء فأجاز الخلع ، وأمره أن يأخذ عقاص رأسي ، فما دونه ، أو قالت ما دون عقاص الرأس . عثمان بن عفان
ومعنى هذا أنه يجوز أن يأخذ منها كل ما بيدها من قليل وكثير ، ولا يترك لها سوى عقاص شعرها ، وبه يقول ، ابن عمر ، وابن عباس وعكرمة ، ومجاهد ، ، وإبراهيم النخعي ، وقبيصة بن ذؤيب ، والحسن بن صالح . وعثمان البتي
وهذا مذهب مالك ، والليث ، ، والشافعي ، واختاره وأبي ثور . وقال أصحاب ابن جرير أبي حنيفة إن كان الإضرار من قبلها جاز أن يأخذ منها ما أعطاها ، ولا يجوز الزيادة عليه ، فإن ازداد جاز في القضاء ، وإن كان الإضرار من جهته لم يجز أن يأخذ منها شيئا ، فإن أخذ جاز في القضاء .
وقال الإمام أحمد وأبو عبيد : لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطاها ، وهذا قول وإسحاق بن راهويه سعيد بن المسيب وعطاء ، ، وعمرو بن شعيب ، والزهري ، وطاوس والحسن ، ، والشعبي ، وحماد بن أبي سليمان . والربيع بن أنس
[ ص: 145 ] وقال معمر والحكم : كان علي يقول : لا يأخذ من المختلعة فوق ما أعطاها . وقال : القضاة لا يجيزون أن يأخذ منها أكثر مما ساق إليها ، قلت : ويستدل لهذا القول بما تقدم من رواية الأوزاعي قتادة عن عكرمة عن في قصة ابن عباس ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها الحديقة ولا يزداد ، وبما روى ثابت بن قيس حيث قال : أخبرنا عبد بن حميد قبيصة عن سفيان ، عن ، عن ابن جريج عطاء ، ، يعني : المختلعة ، وحملوا معنى الآية على معنى : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، أي : من الذي أعطاها ; لتقدم قوله : ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به [ 2 \ 229 ] ، أي : من ذلك وهكذا كان يقرؤها الربيع بن أنس فلا جناح عليهما فيما افتدت به منه ، رواه ، ولهذا قال بعده : ابن جرير تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون [ 2 \ 229 ] . اهـ من ابن كثير بلفظه .