ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ، ذكر في هذه الآية الكريمة أن قوله تعالى : كلاهما ينال [ ص: 215 ] مغفرة من الله ، ورحمة خيرا له مما يجمعه من حطام الدنيا ، وأوضح وجه ذلك في آية أخرى بين فيها أن الله اشترى منه حياة قصيرة فانية منغصة بالمصائب ، والآلام بحياة أبدية لذيذة لا تنقطع ولا يتأذى صاحبها بشيء واشترى منه مالا قليلا فانيا بملك لا ينفد ولا ينقضي أبدا ، وهي قوله : المقتول في الجهاد والميت إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [ 9 \ 111 ] ، وقال تعالى : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [ 76 \ 20 ] ، وبين في آية أخرى أن وزاد فيها الأمر بالفرح بفضل الله ورحمته دون حطام الدنيا ، وهي قوله تعالى : فضل الله ، ورحمته خير مما يجمعه أهل الدنيا من حطامها قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون [ 10 \ 58 ] ، وتقديم المعمول يؤذن بالحصر أعني قوله : فبذلك فليفرحوا ، أي : دون غيره فلا يفرحوا بحطام الدنيا الذي يجمعونه .
وقال تعالى : نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون [ 43 ] .