قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب [ الآية [ 5 \ 15 ] ، لم يبين هنا شيئا من ذلك الكثير الذي يبينه لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما كانوا يخفون من الكتاب ، يعني التوراة والإنجيل ، وبين كثيرا منه في مواضع أخر .
، وبينه القرآن في قوله تعالى : فمما كانوا يخفون من أحكام التوراة رجم الزاني المحصن ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون [ 3 \ 23 ] .
[ ص: 371 ] يعني يدعون إلى التوراة ليحكم بينهم في حد الزاني المحصن بالرجم ، وهم معرضون عن ذلك منكرون له ، ومن ذلك ، ما أخفوه من صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم ، وإنكارهم أنهم يعرفون أنه هو الرسول ، كما بينه تعالى بقوله : وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين [ 2 \ 89 ] .
ومن ذلك ، كما قال تعالى : إنكارهم أن الله حرم عليهم بعض الطيبات بسبب ظلمهم ومعاصيهم فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم [ 4 \ 60 ] ، وقوله : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون [ 6 \ 146 ] .
فإنهم أنكروا هذا ، وقالوا لم يحرم علينا إلا ما كان محرما على إسرائيل ، فكذبهم القرآن في ذلك ، في قوله تعالى : كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين [ 3 \ 93 ] .
ومن ذلك النصارى بشارة عيسى ابن مريم لهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بينها تعالى بقوله : كتم وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد [ 61 \ 6 ] ، إلى غير ذلك من الآيات المبينة لما أخفوه من كتبهم .