قوله تعالى : ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ، ذكر في هذه الآية الكريمة : أن الكفار لو نزل الله عليهم كتابا مكتوبا في قرطاس ، أي صحيفة ، إجابة لما اقترحوه ، كما قال تعالى عنهم : ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه الآية [ 17 \ 93 ] ، فعاينوا ذلك الكتاب المنزل ، ولمسته أيديهم ، لعاندوا ، وادعوا أن ذلك من أجل أنه سحرهم ، وهذا العناد واللجاج العظيم والمكابرة الذي هو شأن الكفار بينه تعالى في آيات كثيرة كقوله : [ ص: 472 ] ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون [ 15 \ 14 ، 15 ] .
وقوله : وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم [ 52 \ 44 ] ، وقوله : ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله [ 6 \ 111 ] ، وقوله : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية الآية [ 10 \ 96 ، 97 ] ، وقوله : وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون [ 10 \ 101 ] ، وقوله : وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها [ 7 \ 146 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وذكر تعالى نحو هذا العناد واللجاج عن فرعون وقومه في قوله : وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين [ 7 \ 132 ] .