والقراءة التي ذكرنا عن سعيد ، ومجاهد ، موافقة لأحد الأقوال في تفسير قوله تعالى : والأعمش الله الصمد [ 112 \ 2 ] ، قال بعض العلماء : الصمد السيد ، الذي يلجأ إليه عند الشدائد والحوائج ، وقال بعضهم : هو السيد الذي تكامل سؤدده ، وشرفه ، وعظمته ، وعلمه ، وحكمته ، وقال بعضهم : الصمد هو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ; وعليه ، فما بعده تفسير له ، وقال بعضهم : هو الباقي بعد فناء خلقه ، وقال بعضهم : ، ولا يأكل الطعام ، وهو محل الشاهد ، وممن قال بهذا القول الصمد هو الذي لا جوف له ، ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ومجاهد ، ، وعبد الله بن بريدة وعكرمة ، ، وسعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطية العوفي والضحاك ، والسدي ، كما نقله عنهم ابن كثير ، وغيرهما . وابن جرير
قال مقيده - عفا الله عنه : من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيد العظيم ، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له ، فمن الأول قول الزبرقان : [ البسيط ]
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلا سيد صمد
وقول الآخر : [ البسيط ]
علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقول الآخر : [ الطويل ]
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
ومن الثاني قول الشاعر : [ الطويل ]
[ ص: 475 ]
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
فإذا علمت ذلك ، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات ، وهو الذي تنزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين ، كأكل الطعام ونحوه ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم الآية ، يعني أول من أسلم من هذه الأمة التي أرسلت إليها ، وليس المراد أول من أسلم من جميع الناس ، كما بينه تعالى بآيات كثيرة تدل على وجود المسلمين قبل وجوده - صلى الله عليه وسلم - ووجود أمته ، كقوله عن قوله تعالى : إبراهيم : إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين [ 2 \ 131 ] ، وقوله عن يوسف : توفني مسلما وألحقني بالصالحين [ 12 \ 101 ] ، وقوله : يحكم بها النبيون الذين أسلموا [ 5 \ 44 ] ، وقوله عن لوط وأهله : فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين [ 51 \ 36 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .