الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          يعدهم ويمنيهم قال تعالى في سورة البقرة : الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ( 2 : 268 ) ، أي : يعد الناس الفقر إذا هم أنفقوا شيئا من أموالهم في سبيل الله ، وها هنا حذف مفعول الوعد فهو يشمل الوعد بالفقر ويشمل غيره من وعوده التي يوسوس بها ، فإنه إذا كان يعد من يريد التصدق الفقر ويوسوس إليه قائلا : إن مالك ينفد أو يقل فتكون فقيرا ذليلا ، فإنه يسلك في الوسوسة إلى من يغريه بالقمار مسلكا آخر فيعده الغنى والثروة ، وكذلك يعد من يغريه بالتعصب لمذهبه وإيذاء مخالفه فيه من أهل دينه الجاه والشهرة وبعد الصيت ، ويؤيد وعوده الباطلة بالأماني الباطلة يلقيها إليه ; ولهذا أعاد ذكر الأمنية في مقام بيان خسران من يتخذ الشيطان وليا بعد أن ذكر عن لسان الشيطان قوله : ولأمنينهم ، ويدخل في وعد الشيطان وتمنيته ما يكون من أوليائه من الإنس ، وهم قرناء السوء الذين يزينون للناس الضلال والمعاصي ويعدونهم بالمال والجاه ، ويمدونهم في الطغيان .

                          قال الأستاذ الإمام : لولا وعود الشيطان لما عنى أولياؤه بنشر مذاهبهم الفاسدة وآرائهم وأضاليلهم ، التي يبتغون بها الرفعة والجاه والمال ، وهؤلاء موجودون في كل زمان ويعرفون بمقاصدهم ، وقد دل على هذا ما قبله ، ولكنه ذكره ليصل به قوله وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي : إلا باطلا يغترون به ، ولا يملكون منه ما يحبون ، وأقول : فسر بعضهم الغرور بأنه إظهار النفع فيما هو ضار ، أي : في الحال أو المآل كشرب الخمر والقمار والزنا وغير ذلك .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية