[ ص: 39 ] بسم الله الرحمن الرحيم .
مقدمة المؤلف .
وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
قال الشيخ الإمام العالم العلامة ، الحبر البحر الفهامة ، المحقق المدقق الحجة الحافظ المجتهد شيخ الإسلام والمسلمين ، وارث علوم سيد المرسلين ، جلال الدين ، أوحد المجتهدين ،
أبو الفضل عبد الرحمن ابن سيدنا الشيخ المرحوم كمال الدين ، عالم المسلمين أبو المناقب أبو بكر السيوطي الشافعي :
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، تبصرة لأولي الألباب ، وأودعه من فنون العلوم والحكم العجب العجاب ، وجعله أجل الكتب قدرا ، وأغزرها علما ، وأعذبها نظما وأبلغها في الخطاب :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=28قرءانا عربيا غير ذي عوج ولا مخلوق ، ولا شبهة فيه ولا ارتياب .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرباب ، الذي عنت لقيوميته الوجود ، وخضعت لعظمته الرقاب .
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث من أكرم الشعوب وأشرف الشعاب ، إلى خير أمة بأفضل كتاب ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأنجاب ، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم المآب .
وبعد ، فإن العلم بحر زخار ، لا يدرك له من قرار . وطود شامخ لا يسلك إلى قنته ولا يصار ، من أراد السبيل إلى استقصائه لم يبلغ إلى ذلك وصولا ، ومن رام الوصول إلى إحصائه لم يجد إلى ذلك سبيلا ، كيف وقد قال - تعالى - مخاطبا لخلقه :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [ الإسراء : 85 ] .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=32232_32234كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها ، ودائرة شمسها ومطلعها ، أودع فيه - سبحانه وتعالى - علم كل شيء ، وأبان به كل هدي وغي ، فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد :
فالفقيه يستنبط منه الأحكام ، ويستخرج حكم الحلال والحرام .
والنحوي يبني منه قواعد إعرابه ، ويرجع إليه في معرفة خطأ القول من صوابه .
والبياني يهتدي به إلى حسن النظام ، ويعتبر مسالك البلاغة في صوغ الكلام .
[ ص: 40 ] وفيه من القصص والأخبار ما يذكر أولي الأبصار ، ومن المواعظ والأمثال ما يزدجر به أولو الفكر والاعتبار ، إلى غير ذلك من علوم لا يقدر قدرها إلا من علم حصرها .
هذا مع فصاحة لفظ وبلاغة أسلوب ، تبهر العقول وتسلب القلوب . وإعجاز نظم لا يقدر عليه إلا علام الغيوب .
ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتابا في أنواع علوم القرآن ، كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث ، فسمعت شيخنا أستاذ الأستاذين ، وإنسان عين الناظرين ، خلاصة الوجود علامة الزمان ، فخر العصر وعين الأوان
أبا عبد الله محيي الدين الكافيجي - مد الله في أجله ، وأسبغ عليه ظله - يقول : قد دونت في علوم التفسير كتابا لم أسبق إليه .
فكتبته عنه فإذا هو صغير الحجم جدا ، وحاصل ما فيه بابان :
الأول : في ذكر معنى التفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية .
والثاني : في شروط القول فيه بالرأي .
وبعدهما خاتمة في آداب العالم والمتعلم .
فلم يشف لي ذلك غليلا ، ولم يهدني إلى المقصود سبيلا .
ثم أوقفني شيخنا شيخ مشايخ الإسلام قاضي القضاة وخلاصة الأنام حامل لواء المذهب المطلبي
علم الدين البلقيني - رحمه الله تعالى - على كتاب في ذلك لأخيه قاضي القضاة جلال الدين . سماه " مواقع العلوم من مواقع النجوم " فرأيته تأليفا لطيفا ، ومجموعا ظريفا ،
[ ص: 41 ] ذا ترتيب وتقرير ، وتنويع وتحبير ، قال في خطبته :
قد اشتهرت عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - مخاطبة لبعض خلفاء
بني العباس ، فيها ذكر بعض أنواع القرآن يحصل منها لمقصدنا اقتباس . وقد صنف في علوم الحديث جماعة في القديم والحديث ، وتلك الأنواع في سنده دون متنه ، أو في مسنديه وأهل فنه ، وأنواع القرآن شاملة وعلومه كاملة . فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي ، مما حواه القرآن الشريف ، من أنواع علمه المنيف ، وينحصر في أمور :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=20754_28861مواطن النزول وأوقاته ووقائعه ، وفي ذلك اثنا عشر : المكي ، المدني ، السفري ، الحضري ، الليلي ، النهاري ، الصيفي ، الشتائي ، الفراشي ، والنومي ، أسباب النزول ، أول ما نزل ، آخر ما نزل .
الأمر الثاني : السند ، وهو ستة أنواع : المتواتر ، الآحاد ، الشاذ ، قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم - الرواة ، الحفاظ .
الأمر الثالث : الأداء ، وهو ستة أنواع : الوقف ، الابتداء ، الإمالة ، المد ، تخفيف الهمزة ، الإدغام .
الأمر الرابع : الألفاظ ، وهو سبعة أنواع : الغريب ، المعرب ، المجاز ، المشترك ، المترادف ، الاستعارة ، التشبيه .
الأمر الخامس : المعاني المتعلقة بالأحكام ، وهو أربعة عشر نوعا : العام الباقي على عمومه ، العام المخصوص ، العام الذي أريد به الخصوص ، ما خص فيه الكتاب السنة ، ما خصت فيه السنة الكتاب ، المجمل ، المبين ، المئول ، المفهوم ، المطلق ، المقيد ، الناسخ والمنسوخ ، نوع من الناسخ والمنسوخ ، وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين .
الأمر السادس : المعاني المتعلقة بألفاظ ، وهو خمسة أنواع : الفصل ، الوصل ، الإيجاب ، الإطناب ، القصر .
وبذلك تكملت الأنواع خمسين . ومن الأنواع ما لا يدخل تحت الحصر : الأسماء ، الكنى ، الألقاب ، المبهمات .
فهذا نهاية ما حصر من الأنواع .
[ ص: 42 ] هذا آخر ما ذكره
القاضي جلال الدين في الخطبة ، ثم تكلم في كل نوع منها بكلام مختصر يحتاج إلى تحرير وتتمات وزوائد مهمات . فصنفت في ذلك كتابا سميته : " التحبير في علوم التفسير " ضمنته ما ذكره
البلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها ، وأضفت إليه فوائد سمحت القريحة بنقلها ، وقلت في خطبته :
أما بعد : فإن العلوم وإن كثر عددها ، وانتشر في الخافقين مددها ، فغايتها بحر قعره لا يدرك ، ونهايتها طود شامخ لا يستطاع إلى ذروته أن يسلك ، وهذا يفتح لعالم بعد آخر من الأبواب ما لم يتطرق إليه من المتقدمين الأسباب .
وإن مما أهمل المتقدمون في تدوينه حتى تحلى في آخر الزمان بأحسن زينة ، علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث ، فلم يدونه أحد لا في القديم ولا في الحديث ، حتى جاء شيخ الإسلام وعمدة الأنام ، علامة العصر ، قاضي القضاة
جلال الدين البلقيني - رحمه الله تعالى - فعمل في كتابه : " مواقع العلوم من مواقع النجوم " . فنقحه وهذبه ، وقسم أنواعه ورتبه ، ولم يسبق إلى هذه المرتبة ، فإنه جعله نيفا وخمسين نوعا منقسمة إلى ستة أقسام ، وتكلم في كل نوع منها بالمتين من الكلام ، فكان كما قال
الإمام أبو السعادات بن الأثير في مقدمة نهايته : كل مبتدئ بشيء لم يسبق إليه ، ومبتدع أمر لم يتقدم فيه عليه ، فإنه يكون قليلا ثم يكثر وصغيرا ثم يكبر .
فظهر لي استخراج أنواع لم يسبق إليها ، وزيادات مهمات لم يستوف الكلام عليها ، فجرت الهمة إلى وضع كتاب في هذا العلم ، وأجمع به - إن شاء الله تعالى - شوارده ، وأضم إليه فوائده ، وأنظم في سلكه فرائده لأكون في إيجاد هذا العلم ثاني اثنين ، وواحدا في جمع الشتيت منه كألف أو كألفين ، ومصيرا فني التفسير والحديث في استكمال التقاسيم إلفين وإذ برز نور كمامه وفاح ، وطلع بدر كماله ولاح ، وأذن فجره بالصباح ، ونادى داعيه بالفلاح ، سميته ب " التحبير في علوم التفسير " . وهذه فهرست الأنواع بعد المقدمة :
[ ص: 43 ] النوع الأول والثاني : المكي والمدني .
والثالث والرابع : الحضري والسفري .
الخامس والسادس : النهاري والليلي .
السابع والثامن : الصيفي والشتائي .
التاسع والعاشر : الفراشي والنومي .
الحادي عشر : أسباب النزول .
الثاني عشر : أول ما نزل .
الثالث عشر : آخر ما نزل .
الرابع عشر : ما عرف وقت نزوله .
الخامس عشر : ما أنزل فيه ولم ينزل على أحد من الأنبياء .
السادس عشر : ما أنزل منه على الأنبياء .
السابع عشر : ما تكرر نزوله .
الثامن عشر : ما نزل مفرقا
التاسع عشر : ما نزل جمعا .
العشرون : كيفية إنزاله .
الحادي والعشرون : المتواتر .
الثاني والعشرون : الآحاد .
الثالث والعشرون : الشاذ .
الرابع والعشرون : قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الخامس والسادس والعشرون : الرواة والحفاظ .
السابع والعشرون : كيفية التحمل .
الثامن والعشرون : العالي والنازل .
التاسع والعشرون : المسلسل .
الثلاثون : الابتداء
الحادي والثلاثون : الوقف .
الثاني والثلاثون : الإمالة .
الثالث والثلاثون : المد .
الرابع والثلاثون : تخفيف الهمزة .
الخامس والثلاثون : الإدغام .
السادس والثلاثون : الإخفاء .
[ ص: 44 ] السابع والثلاثون : الإقلاب .
الثامن والثلاثون : مخارج الحروف .
التاسع والثلاثون : الغريب .
الأربعون : المعرب .
الحادي والأربعون : المجاز .
الثاني والأربعون : المشترك .
الثالث والأربعون : المترادف
الرابع والخامس والأربعون : المحكم والمتشابه .
السادس والأربعون : المشكل .
السابع والثامن والأربعون : المجمل والمبين .
التاسع والأربعون : الاستعارة .
الخمسون : التشبيه .
الحادي والخمسون : الكناية والتعريض .
الثالث والخمسون : العام الباقي على عمومه .
الرابع والخمسون : العام المخصوص .
الخامس والخمسون : العام الذي أريد به الخصوص .
السادس والخمسون : ما خص فيه الكتاب السنة .
السابع والخمسون : ما خصت فيه السنة الكتاب .
الثامن والخمسون : المئول .
التاسع والخمسون : المفهوم .
الستون والحادي والستون : المطلق والمقيد .
الثاني والثالث والستون الناسخ والمنسوخ .
الرابع والستون : ما عمل به واحد ، ثم نسخ .
الخامس والستون : ما كان واجبا على واحد .
السادس والسابع والثامن والستون : الإيجاز والإطناب والمساواة .
التاسع والستون : الأشباه .
السبعون والحادي والسبعون : الفصل والوصل .
الثاني والسبعون : القصر .
الثالث والسبعون : الاحتباك .
الرابع والسبعون : القول بالموجب .
[ ص: 45 ] الخامس والسادس والسبعون : المطابقة والمناسبة والمجانسة .
الثامن والتاسع والسبعون : التورية والاستخدام .
الثمانون : اللف والنشر .
الحادي والثمانون : الالتفات .
الثاني والثمانون : الفواصل والغايات .
الثالث والرابع والخامس والثمانون : أفضل القرآن وفاضله ومفضوله .
السادس والثمانون : مفردات القرآن .
السابع والثمانون : الأمثال .
الثامن والتاسع والثمانون : آداب القارئ والمقرئ .
التسعون آداب المفسر .
الحادي والتسعون : من يقبل تفسيره ومن يرد .
الثاني والتسعون : غرائب التفسير .
الثالث والتسعون : معرفة المفسرين .
الرابع والتسعون : كتابة القرآن .
الخامس والتسعون : تسمية السور .
السادس والتسعون : ترتيب الآي والسور .
السابع والثامن والتاسع والتسعون : الأسماء والكنى والألقاب .
المائة : المبهمات .
الأول بعد المائة : أسماء من نزل فيهم القرآن .
الثاني بعد المائة : التاريخ .
وهذا آخر ما ذكرته في خطبة " التحبير " . وقد تم هذا الكتاب - ولله الحمد - من سنة اثنتين وسبعين ، وكتبه من هو في طبقة أشياخي من أولي التحقيق .
ثم خطر بعد ذلك أن أؤلف كتابا مبسوطا ، ومجموعا مضبوطا ، أسلك فيه طريق الإحصاء ، وأمشي فيه على منهاج الاستقصاء . هذا كله وأنا أظن أني متفرد بذلك ، غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك ، فبينا أنا أجيل في ذلك فكرا ، أقدم رجلا وأؤخر أخرى ، إذ بلغني أن الشيخ
الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ، أحد متأخري أصحابنا الشافعيين ،
[ ص: 46 ] ألف كتابا في ذلك حافلا ، يسمى " البرهان في علوم القرآن " ، فتطلبته حتى وقفت عليه ، فوجدته ، قال في خطبته :
لما كانت علوم القرآن لا تحصى ، ومعانيها لا تستقصى ، وجبت العناية بالقدر الممكن . ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه ، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث ; فاستخرت الله تعالى - وله الحمد - في وضع كتاب في ذلك ، جامع لما تكلم الناس في فنونه ، وخاضوا في نكته وعيونه ، وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما بهر القلوب عجبا ، ليكون مفتاحا لأبوابه ، عنوانا في كتابه ، معينا للمفسر على حقائقه ، مطلعا على بعض أسراره ودقائقه ، وسميته " البرهان في علوم القرآن " وهذه فهرست أنواعه :
النوع الأول : معرفة سبب النزول .
الثاني : معرفة المناسبات بين الآيات .
الثالث : معرفة الفواصل .
الرابع : معرفة الوجوه والنظائر .
الخامس : علم المتشابه .
السادس : علم المبهمات .
السابع : في أسرار الفواتح .
الثامن : في خواتم السور .
التاسع : في معرفة المكي والمدني .
العاشر : في معرفة أول ما نزل .
الحادي عشر : معرفة على كم لغة نزل .
الثاني عشر : في كيفية إنزاله .
الثالث عشر : بيان جمعه ، ومن حفظه من الصحابة .
الرابع عشر : معرفة تقسيمه .
الخامس عشر : معرفة أسمائه .
السادس عشر : معرفة ما وقع فيه من غير لغة الحجاز .
السابع عشر : معرفة ما فيه من غير لغة العرب .
الثامن عشر : معرفة غريبه .
[ ص: 47 ] التاسع عشر : معرفة التصريف .
العشرون : معرفة الأحكام .
الحادي والعشرون : معرفة كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح
الثاني والعشرون : معرفة اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص .
الثالث والعشرون : معرفة توجيه القرآن .
الرابع والعشرون : معرفة الوقف .
الخامس والعشرون : علم مرسوم الخط .
السادس والعشرون معرفة فضائله .
السابع والعشرون : معرفة خواصه .
الثامن والعشرون : هل في القرآن شيء أفضل من شيء ؟ .
التاسع والعشرون : في آداب تلاوته .
الثلاثون : في أنه هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن ؟ .
الحادي والثلاثون : معرفة الأمثال الكامنة فيه .
الثاني والثلاثون : معرفة أحكامه .
الثالث والثلاثون : معرفة جدله .
الرابع والثلاثون : معرفة ناسخه ومنسوخه .
الخامس والثلاثون : معرفة موهم المختلف .
السادس والثلاثون : معرفة المحكم من المتشابه .
السابع والثلاثون : في حكم الآيات المتشابهات الواردة في الصفات .
الثامن والثلاثون : معرفة إعجازه .
التاسع والثلاثون : معرفة وجوب متواتره .
الأربعون : في بيان معاضدة السنة والكتاب .
الحادي والأربعون : معرفة تفسيره .
الثاني والأربعون : معرفة وجوه المخاطبات
الثالث والأربعون : بيان حقيقته ومجازه .
الرابع والأربعون : في الكنايات والتعريض .
الخامس والأربعون : في أقسام معنى الكلام .
السادس والأربعون : في ذكر ما تيسر من أساليب القرآن .
السابع والأربعون : في معرفة الأدوات .
[ ص: 48 ] واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستفرغ عمره ثم لم يحكم أمره ، ولكن اقتصرنا من كل نوع على أصوله ، والرمز إلى بعض فصوله ; فإن الصناعة طويلة والعمر قصير ، وماذا عسى أن يبلغ لسان التقصير .
هذا آخر كلام
الزركشي في خطبته .
ولما وقفت على هذا الكتاب ازددت به سرورا ، وحمدت الله كثيرا ، وقوي العزم على إبراز ما أضمرته ، وشددت الحزم في إنشاء التصنيف الذي قصدته ، فوضعت هذا الكتاب العلي الشأن ، الجلي البرهان ، الكثير الفوائد والإتقان ، ورتبت أنواعه ترتيبا أنسب من ترتيب البرهان ، وأدمجت بعض الأنواع في بعض ، وفصلت ما حقه أن يبان ، وزدته على ما فيه من الفوائد والفرائد ، والقواعد والشوارد ، ما يشنف الآذان ، وسميته : " الإتقان في علوم القرآن " . وسترى في كل نوع منه - إن شاء الله تعالى - ما يصلح أن يكون بالتصنيف مفردا ، وستروى من مناهله العذبة ريا لا ظمأ بعده أبدا . وقد جعلته مقدمة للتفسير الكبير الذي شرعت فيه . وسميته ب " مجمع البحرين ، ومطلع البدرين ، الجامع لتحرير الرواية ، وتقرير الدراية " .
[ ص: 39 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ .
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ ، الْحَبْرُ الْبَحْرُ الْفَهَّامَةُ ، الْمُحَقِّقُ الْمُدَقِّقُ الْحُجَّةُ الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَارِثُ عُلُومِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، جَلَالُ الدِّينِ ، أَوْحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ ،
أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ سَيِّدِنَا الشَّيْخِ الْمَرْحُومِ كَمَالِ الدِّينِ ، عَالِمُ الْمُسْلِمِينَ أَبُو الْمَنَاقِبِ أَبُو بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ الشَّافِعِيُّ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ، تَبْصِرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، وَأَوْدَعَهُ مِنْ فُنُونِ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ الْعَجَبَ الْعُجَابَ ، وَجَعَلَهُ أَجَلَّ الْكُتُبِ قَدْرًا ، وَأَغْزَرَهَا عِلْمًا ، وَأَعْذَبَهَا نَظْمًا وَأَبْلَغَهَا فِي الْخِطَابِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=28قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ وَلَا مَخْلُوقَ ، وَلَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا ارْتِيَابَ .
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الْأَرْبَابِ ، الَّذِي عَنَتْ لِقَيُّومِيَّتِهِ الْوُجُودُ ، وَخَضَعَتْ لِعَظَمَتِهِ الرِّقَابُ .
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ أَكْرَمِ الشُّعُوبِ وَأَشْرَفِ الشِّعَابِ ، إِلَى خَيْرِ أُمَّةٍ بِأَفْضَلِ كِتَابٍ ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْأَنْجَابِ ، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الْمَآبِ .
وَبَعْدُ ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بَحْرٌ زَخَّارٌ ، لَا يُدْرَكُ لَهُ مِنْ قَرَارٍ . وَطَوْدٌ شَامِخٌ لَا يُسْلَكُ إِلَى قُنَّتِهِ وَلَا يُصَارُ ، مَنْ أَرَادَ السَّبِيلَ إِلَى اسْتِقْصَائِهِ لَمْ يَبْلُغْ إِلَى ذَلِكَ وُصُولًا ، وَمَنْ رَامَ الْوُصُولَ إِلَى إِحْصَائِهِ لَمْ يَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى - مُخَاطِبًا لِخَلْقِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ الْإِسْرَاءِ : 85 ] .
وَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32232_32234كِتَابَنَا الْقُرْآنَ لَهُوَ مُفَجِّرُ الْعُلُومِ وَمَنْبَعُهَا ، وَدَائِرَةُ شَمْسِهَا وَمَطْلَعُهَا ، أَوْدَعَ فِيهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَبَانَ بِهِ كُلَّ هَدْيٍ وَغَيٍّ ، فَتَرَى كُلَّ ذِي فَنٍّ مِنْهُ يَسْتَمِدُّ وَعَلَيْهِ يَعْتَمِدُ :
فَالْفَقِيهُ يَسْتَنْبِطُ مِنْهُ الْأَحْكَامَ ، وَيَسْتَخْرِجُ حُكْمَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
وَالنَّحْوِيُّ يَبْنِي مِنْهُ قَوَاعِدَ إِعْرَابِهِ ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ خَطَأِ الْقَوْلِ مِنْ صَوَابِهِ .
وَالْبَيَانِيُّ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى حُسْنِ النِّظَامِ ، وَيَعْتَبِرُ مَسَالِكَ الْبَلَاغَةِ فِي صَوْغِ الْكَلَامِ .
[ ص: 40 ] وَفِيهِ مِنَ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ مَا يُذَكِّرُ أُولِي الْأَبْصَارِ ، وَمِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ مَا يَزْدَجِرُ بِهِ أُولُو الْفِكْرِ وَالِاعْتِبَارِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومٍ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهَا إِلَّا مَنْ عَلِمَ حَصْرَهَا .
هَذَا مَعَ فَصَاحَةِ لَفْظٍ وَبَلَاغَةِ أُسْلُوبٍ ، تَبْهَرُ الْعُقُولَ وَتَسْلُبُ الْقُلُوبَ . وَإِعْجَازُ نَظْمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ .
وَلَقَدْ كُنْتُ فِي زَمَانِ الطَّلَبِ أَتَعَجَّبُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ إِذْ لَمْ يُدَوِّنُوا كِتَابًا فِي أَنْوَاعِ عُلُومِ الْقُرْآنِ ، كَمَا وَضَعُوا ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ الْحَدِيثِ ، فَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أُسْتَاذَ الْأُسْتَاذِينَ ، وَإِنْسَانَ عَيْنِ النَّاظِرِينَ ، خُلَاصَةَ الْوُجُودِ عَلَّامَةَ الزَّمَانِ ، فَخْرَ الْعَصْرِ وَعَيْنَ الْأَوَانِ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحْيِيَ الدِّينِ الْكَافِيَجِيَّ - مَدَّ اللَّهُ فِي أَجَلِهِ ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ ظِلَّهُ - يَقُولُ : قَدْ دَوَّنْتُ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ كِتَابًا لَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ .
فَكَتَبْتُهُ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ صَغِيرُ الْحَجْمِ جِدًّا ، وَحَاصِلُ مَا فِيهِ بَابَانِ :
الْأَوَّلُ : فِي ذِكْرِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَالْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ وَالْآيَةِ .
وَالثَّانِي : فِي شُرُوطِ الْقَوْلِ فِيهِ بِالرَّأْيِ .
وَبَعْدَهُمَا خَاتِمَةٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ .
فَلَمْ يَشْفِ لِي ذَلِكَ غَلِيلًا ، وَلَمْ يَهْدِنِي إِلَى الْمَقْصُودِ سَبِيلًا .
ثُمَّ أَوْقَفَنِي شَيْخُنَا شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ وَخُلَاصَةُ الْأَنَامِ حَامِلُ لِوَاءِ الْمَذْهَبِ الْمُطَّلِبِيِّ
عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى كِتَابٍ فِي ذَلِكَ لِأَخِيهِ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالِ الدِّينِ . سَمَّاهُ " مَوَاقِعُ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ " فَرَأَيْتُهُ تَأْلِيفًا لَطِيفًا ، وَمَجْمُوعًا ظَرِيفًا ،
[ ص: 41 ] ذَا تَرْتِيبٍ وَتَقْرِيرٍ ، وَتَنْوِيعٍ وَتَحْبِيرٍ ، قَالَ فِي خُطْبَتِهِ :
قَدِ اشْتُهِرَتْ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُخَاطَبَةٌ لِبَعْضِ خُلَفَاءِ
بَنِي الْعَبَّاسِ ، فِيهَا ذِكْرُ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ يَحْصُلُ مِنْهَا لِمَقْصِدِنَا اقْتِبَاسٌ . وَقَدْ صَنَّفَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ ، وَتِلْكَ الْأَنْوَاعُ فِي سَنَدِهِ دُونَ مَتْنِهِ ، أَوْ فِي مُسْنِدِيهِ وَأَهْلِ فَنِّهِ ، وَأَنْوَاعِ الْقُرْآنِ شَامِلَةً وَعُلُومِهِ كَامِلَةً . فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْكُرَ فِي هَذَا التَّصْنِيفِ مَا وَصَلَ إِلَى عِلْمِي ، مِمَّا حَوَاهُ الْقُرْآنُ الشَّرِيفُ ، مِنْ أَنْوَاعِ عِلْمِهِ الْمَنِيفِ ، وَيَنْحَصِرُ فِي أُمُورٍ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20754_28861مَوَاطِنُ النُّزُولِ وَأَوْقَاتُهُ وَوَقَائِعُهُ ، وَفِي ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ : الْمَكِّيُّ ، الْمَدَنِيُّ ، السَّفَرِيُّ ، الْحَضَرِيُّ ، اللَّيْلِيُّ ، النَّهَارِيُّ ، الصَّيْفِيُّ ، الشِّتَائِيُّ ، الْفِرَاشِيُّ ، وَالنَّوْمِيُّ ، أَسْبَابُ النُّزُولِ ، أَوَّلُ مَا نَزَلَ ، آخِرُ مَا نَزَلَ .
الْأَمْرُ الثَّانِي : السَّنَدُ ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ : الْمُتَوَاتِرُ ، الْآحَادُ ، الشَّاذُّ ، قِرَاءَاتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّوَاةُ ، الْحُفَّاظُ .
الْأَمْرُ الثَّالِثُ : الْأَدَاءُ ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ : الْوَقْفُ ، الِابْتِدَاءُ ، الْإِمَالَةُ ، الْمَدُّ ، تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ ، الْإِدْغَامُ .
الْأَمْرُ الرَّابِعُ : الْأَلْفَاظُ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ : الْغَرِيبُ ، الْمُعَرَّبُ ، الْمَجَازُ ، الْمُشْتَرَكُ ، الْمُتَرَادِفُ ، الِاسْتِعَارَةُ ، التَّشْبِيهُ .
الْأَمْرُ الْخَامِسُ : الْمَعَانِي الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَحْكَامِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَوْعًا : الْعَامُّ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ ، الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ ، الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ ، مَا خَصَّ فِيهِ الْكِتَابُ السُّنَّةَ ، مَا خَصَّتْ فِيهِ السُّنَّةُ الْكِتَابَ ، الْمُجْمَلُ ، الْمُبَيِّنُ ، الْمُئَوَّلُ ، الْمَفْهُومُ ، الْمُطْلَقُ ، الْمُقَيَّدُ ، النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ ، نَوْعٌ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَهُوَ مَا عُمِلَ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَالْعَامِلُ بِهِ وَاحِدٌ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ .
الْأَمْرُ السَّادِسُ : الْمَعَانِي الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَلْفَاظٍ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ : الْفَصْلُ ، الْوَصْلُ ، الْإِيجَابُ ، الْإِطْنَابُ ، الْقَصْرُ .
وَبِذَلِكَ تَكَمَّلَتِ الْأَنْوَاعُ خَمْسِينَ . وَمِنَ الْأَنْوَاعِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَصْرِ : الْأَسْمَاءُ ، الْكُنَى ، الْأَلْقَابُ ، الْمُبْهَمَاتُ .
فَهَذَا نِهَايَةُ مَا حُصِرَ مِنَ الْأَنْوَاعِ .
[ ص: 42 ] هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ
الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ فِي الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيرٍ وَتَتِمَّاتٍ وَزَوَائِدَ مُهِمَّاتٍ . فَصَنَّفْتُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ : " التَّحْبِيرُ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ " ضَمَّنْتُهُ مَا ذَكَرَهُ
الْبُلْقِينِيُّ مِنَ الْأَنْوَاعِ مَعَ زِيَادَةٍ مِثْلِهَا ، وَأَضَفْتُ إِلَيْهِ فَوَائِدَ سَمَحَتِ الْقَرِيحَةُ بِنَقْلِهَا ، وَقُلْتُ فِي خُطْبَتِهِ :
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الْعُلُومَ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهَا ، وَانْتَشَرَ فِي الْخَافِقَيْنِ مَدَدُهَا ، فَغَايَتُهَا بَحْرٌ قَعْرُهُ لَا يُدْرَكُ ، وَنِهَايَتُهَا طَوْدٌ شَامِخٌ لَا يُسْتَطَاعُ إِلَى ذُرْوَتِهِ أَنْ يُسْلَكَ ، وَهَذَا يَفْتَحُ لِعَالِمٍ بَعْدَ آخَرَ مِنَ الْأَبْوَابِ مَا لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَسْبَابُ .
وَإِنَّ مِمَّا أَهْمَلَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي تَدْوِينِهِ حَتَّى تَحَلَّى فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِأَحْسَنِ زِينَةٍ ، عِلْمَ التَّفْسِيرِ الَّذِي هُوَ كَمُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ ، فَلَمْ يُدَوِّنْهُ أَحَدٌ لَا فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ ، حَتَّى جَاءَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعُمْدَةُ الْأَنَامُ ، عَلَّامَةُ الْعَصْرِ ، قَاضِي الْقُضَاةِ
جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَمِلَ فِي كِتَابِهِ : " مَوَاقِعُ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ " . فَنَقَّحَهُ وَهَذَّبَهُ ، وَقَسَّمَ أَنْوَاعَهُ وَرَتَّبَهُ ، وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ نَوْعًا مُنْقَسِمَةً إِلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ ، وَتَكَلَّمَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْمَتِينِ مِنَ الْكَلَامِ ، فَكَانَ كَمَا قَالَ
الْإِمَامُ أَبُو السَّعَادَاتِ بْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ نِهَايَتِهِ : كُلُّ مُبْتَدِئٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ ، وَمُبْتَدَعِ أَمْرٍ لَمْ يُتَقَدَّمْ فِيهِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ قَلِيلًا ثُمَّ يَكْثُرُ وَصَغِيرًا ثُمَّ يَكْبُرُ .
فَظَهَرَ لِيَ اسْتِخْرَاجُ أَنْوَاعٍ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا ، وَزِيَادَاتٍ مُهِمَّاتٍ لَمْ يُسْتَوْفَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا ، فَجَرَتِ الْهِمَّةُ إِلَى وَضْعِ كِتَابٍ فِي هَذَا الْعِلْمِ ، وَأَجْمَعُ بِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - شَوَارِدَهُ ، وَأَضُمُّ إِلَيْهِ فَوَائِدَهُ ، وَأُنَظِّمُ فِي سِلْكِهِ فَرَائِدَهُ لِأَكُونَ فِي إِيجَادِ هَذَا الْعِلْمِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ، وَوَاحِدًا فِي جَمْعِ الشَّتِيتِ مِنْهُ كَأَلْفٍ أَوْ كَأَلْفَيْنِ ، وَمُصَيِّرًا فَنَّيِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ فِي اسْتِكْمَالِ التَّقَاسِيمِ إِلْفَيْنِ وَإِذْ بَرَزَ نُورُ كِمَامِهِ وَفَاحَ ، وَطَلَعَ بَدَرُ كَمَالِهِ وَلَاحَ ، وَأَذَّنَ فَجْرُهُ بِالصَّبَاحِ ، وَنَادَى دَاعِيهِ بِالْفَلَاحِ ، سَمَّيْتُهُ بِ " التَّحْبِيرِ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ " . وَهَذِهِ فَهْرَسْتُ الْأَنْوَاعِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَةِ :
[ ص: 43 ] النَّوْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي : الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ .
وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ : الْحَضَرِيُّ وَالسَّفَرِيُّ .
الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ : النَّهَارِيُّ وَاللَّيْلِيُّ .
السَّابِعُ وَالثَّامِنُ : الصَّيْفِيُّ وَالشِّتَائِيُّ .
التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ : الْفِرَاشِيُّ وَالنَّوْمِيُّ .
الْحَادِيَ عَشَرَ : أَسْبَابُ النُّزُولِ .
الثَّانِيَ عَشَرَ : أَوَّلُ مَا نَزَلَ .
الثَّالِثَ عَشَرَ : آخِرُ مَا نَزَلَ .
الرَّابِعَ عَشَرَ : مَا عُرِفَ وَقْتُ نُزُولِهِ .
الْخَامِسَ عَشَرَ : مَا أُنْزِلَ فِيهِ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ .
السَّادِسَ عَشَرَ : مَا أُنْزِلَ مِنْهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ .
السَّابِعَ عَشَرَ : مَا تَكَرَّرَ نُزُولُهُ .
الثَّامِنَ عَشَرَ : مَا نَزَلَ مُفَرَّقًا
التَّاسِعَ عَشَرَ : مَا نَزَلَ جَمْعًا .
الْعِشْرُونَ : كَيْفِيَّةُ إِنْزَالِهِ .
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : الْمُتَوَاتِرُ .
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : الْآحَادُ .
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : الشَّاذُّ .
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : قِرَاءَاتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ : الرُّوَاةُ وَالْحُفَّاظُ .
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : كَيْفِيَّةُ التَّحَمُّلِ .
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ : الْعَالِي وَالنَّازِلُ .
التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ : الْمُسَلْسَلُ .
الثَّلَاثُونَ : الِابْتِدَاءُ
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ : الْوَقْفُ .
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ : الْإِمَالَةُ .
الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ : الْمَدُّ .
الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ .
الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ : الْإِدْغَامُ .
السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ : الْإِخْفَاءُ .
[ ص: 44 ] السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : الْإِقْلَابُ .
الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ : مَخَارِجُ الْحُرُوفِ .
التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ : الْغَرِيبُ .
الْأَرْبَعُونَ : الْمُعَرَّبُ .
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ : الْمَجَازُ .
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ : الْمُشْتَرَكُ .
الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ : الَمُتَرَادِفُ
الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ : الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ .
السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ : الْمُشْكِلُ .
السَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ : الْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ .
التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ : الِاسْتِعَارَةُ .
الْخَمْسُونَ : التَّشْبِيهُ .
الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ : الْكِنَايَةُ وَالتَّعْرِيضُ .
الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ : الْعَامُّ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ .
الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ : الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ .
الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ : الْعَامُّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ .
السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ : مَا خَصَّ فِيهِ الْكِتَابُ السُّنَّةَ .
السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ : مَا خَصَّتْ فِيهِ السُّنَّةُ الْكِتَابَ .
الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ : الْمُئَوَّلُ .
التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ : الْمَفْهُومُ .
السِّتُّونَ وَالْحَادِيُ وَالسِّتُّونَ : الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ .
الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ .
الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ : مَا عَمِلَ بِهِ وَاحِدٌ ، ثُمَّ نُسِخَ .
الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ : مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى وَاحِدٍ .
السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ : الْإِيجَازُ وَالْإِطْنَابُ وَالْمُسَاوَاةُ .
التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ : الْأَشْبَاهُ .
السَّبْعُونَ وَالْحَادِيُ وَالسَّبْعُونَ : الْفَصْلُ وَالْوَصْلُ .
الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ : الْقَصْرُ .
الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ : الِاحْتِبَاكُ .
الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ : الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ .
[ ص: 45 ] الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ : الْمُطَابَقَةُ وَالْمُنَاسَبَةُ وَالْمُجَانَسَةُ .
الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ : التَّوْرِيَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ .
الثَّمَانُونَ : اللَّفُّ وَالنَّشْرُ .
الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ : الِالْتِفَاتُ .
الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ : الْفَوَاصِلُ وَالْغَايَاتُ .
الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ : أَفْضَلُ الْقُرْآنِ وَفَاضِلُهُ وَمَفْضُولُهُ .
السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ : مُفْرَدَاتُ الْقُرْآنِ .
السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ : الْأَمْثَالُ .
الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ : آدَابُ الْقَارِئِ وَالْمُقْرِئِ .
التِّسْعُونَ آدَابُ الْمُفَسِّرِ .
الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ : مَنْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَمَنْ يُرَدُّ .
الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ : غَرَائِبُ التَّفْسِيرِ .
الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ : مَعْرِفَةُ الْمُفَسِّرِينَ .
الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ : كِتَابَةُ الْقُرْآنِ .
الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ : تَسْمِيَةُ السُّوَرِ .
السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ : تَرْتِيبُ الْآيِ وَالسُّوَرِ .
السَّابِعُ وَالثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ : الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى وَالْأَلْقَابُ .
الْمِائَةُ : الْمُبْهَمَاتُ .
الْأَوَّلُ بَعْدَ الْمِائَةِ : أَسْمَاءُ مَنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ .
الثَّانِي بَعْدَ الْمِائَةِ : التَّارِيخُ .
وَهَذَا آخِرُ مَا ذَكَرْتُهُ فِي خُطْبَةِ " التَّحْبِيرِ " . وَقَدْ تَمَّ هَذَا الْكِتَابُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ ، وَكَتَبَهُ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَةِ أَشْيَاخِي مِنْ أُولِي التَّحْقِيقِ .
ثُمَّ خَطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ أُؤَلِّفَ كِتَابًا مَبْسُوطًا ، وَمَجْمُوعًا مَضْبُوطًا ، أَسْلُكُ فِيهِ طَرِيقَ الْإِحْصَاءِ ، وَأَمْشِي فِيهِ عَلَى مِنْهَاجِ الِاسْتِقْصَاءِ . هَذَا كُلُّهُ وَأَنَا أَظُنُّ أَنِّي مُتَفَرِّدٌ بِذَلِكَ ، غَيْرُ مَسْبُوقٍ بِالْخَوْضِ فِي هَذِهِ الْمَسَالِكِ ، فَبَيْنَا أَنَا أُجِيلُ فِي ذَلِكَ فِكْرًا ، أُقَدِّمُ رِجْلًا وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى ، إِذْ بَلَغَنِي أَنَّ الشَّيْخَ
الْإِمَامَ بَدْرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرْكَشِيَّ ، أَحَدَ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّينَ ،
[ ص: 46 ] أَلَّفَ كِتَابًا فِي ذَلِكَ حَافِلًا ، يُسَمَّى " الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " ، فَتَطَلَّبْتُهُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَيْهِ ، فَوَجَدْتُهُ ، قَالَ فِي خُطْبَتِهِ :
لَمَّا كَانَتْ عُلُومُ الْقُرْآنِ لَا تُحْصَى ، وَمَعَانِيهَا لا تُسْتَقْصَى ، وَجَبَتِ الْعِنَايَةُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ . وَمِمَّا فَاتَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَضْعُ كِتَابٍ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعِ عُلُومِهِ ، كَمَا وَضَعَ النَّاسُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ الْحَدِيثِ ; فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى - وَلَهُ الْحَمْدُ - فِي وَضْعِ كِتَابٍ فِي ذَلِكَ ، جَامِعٍ لِمَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي فُنُونِهِ ، وَخَاضُوا فِي نُكَتِهِ وَعُيُونِهِ ، وَضَمَّنْتُهُ مِنَ الْمَعَانِي الْأَنِيقَةِ وَالْحِكَمِ الرَّشِيقَةِ مَا بَهَرَ الْقُلُوبَ عَجَبًا ، لِيَكُونَ مِفْتَاحًا لِأَبْوَابِهِ ، عُنْوَانًا فِي كِتَابِهِ ، مُعِينًا لِلْمُفَسِّرِ عَلَى حَقَائِقِهِ ، مُطَّلِعًا عَلَى بَعْضِ أَسْرَارِهِ وَدَقَائِقِهِ ، وَسَمَّيْتُهُ " الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " وَهَذِهِ فَهْرَسَتُ أَنْوَاعِهِ :
النَّوْعُ الْأَوَّلُ : مَعْرِفَةُ سَبَبِ النُّزُولِ .
الثَّانِي : مَعْرِفَةُ الْمُنَاسَبَاتِ بَيْنَ الْآيَاتِ .
الثَّالِثُ : مَعْرِفَةُ الْفَوَاصِلِ .
الرَّابِعُ : مَعْرِفَةُ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ .
الْخَامِسُ : عِلْمُ الْمُتَشَابِهِ .
السَّادِسُ : عِلْمُ الْمُبْهَمَاتِ .
السَّابِعُ : فِي أَسْرَارِ الفواتح .
الثَّامِنُ : فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ .
التَّاسِعُ : فِي مَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ .
الْعَاشِرُ : فِي مَعْرِفَةِ أَوَّلِ مَا نَزَلَ .
الْحَادِيَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ عَلَى كَمْ لُغَةٍ نَزَلَ .
الثَّانِيَ عَشَرَ : فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ .
الثَّالِثَ عَشَرَ : بَيَانُ جَمْعِهِ ، وَمَنْ حَفِظَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ .
الرَّابِعَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ تَقْسِيمِهِ .
الْخَامِسَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ .
السَّادِسَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْحِجَازِ .
السَّابِعَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ .
الثَّامِنَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ غَرِيبِهِ .
[ ص: 47 ] التَّاسِعَ عَشَرَ : مَعْرِفَةُ التَّصْرِيفِ .
الْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ .
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ كَوْنِ اللَّفْظِ أَوِ التَّرْكِيبِ أَحْسَنَ وَأَفْصَحَ
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ .
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ تَوْجِيهِ الْقُرْآنِ .
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ الْوَقْفِ .
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ : عِلْمُ مَرْسُومِ الْخَطِّ .
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مَعْرِفَةُ فَضَائِلِهِ .
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : مَعْرِفَةُ خَوَاصِّهِ .
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ : هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ ؟ .
التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ : فِي آدَابِ تِلَاوَتِهِ .
الثَّلَاثُونَ : فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ فِي التَّصَانِيفِ وَالرَّسَائِلِ وَالْخُطَبِ اسْتِعْمَالُ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ ؟ .
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ الْأَمْثَالِ الْكَامِنَةِ فِيهِ .
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ .
الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ جَدَلِهِ .
الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ .
الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ مُوهِمِ الْمُخْتَلِفِ .
السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ الْمُحْكَمِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ .
السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : فِي حُكْمِ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الصِّفَاتِ .
الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ إِعْجَازِهِ .
التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ : مَعْرِفَةُ وُجُوبِ مُتَوَاتِرِهِ .
الْأَرْبَعُونَ : فِي بَيَانِ مُعَاضَدَةِ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ .
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ : مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ .
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ : مَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْمُخَاطَبَاتِ
الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ : بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ .
الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ : فِي الْكِنَايَاتِ وَالتَّعْرِيضِ .
الْخَامِسَ وَالْأَرْبَعُونَ : فِي أَقْسَامِ مَعْنَى الْكَلَامِ .
السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ : فِي ذِكْرِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ .
السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ : فِي مَعْرِفَةِ الْأَدَوَاتِ .
[ ص: 48 ] وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَا مِنْ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ إِلَّا وَلَوْ أَرَادَ الْإِنْسَانُ اسْتِقْصَاءَهُ لَاسْتَفْرَغَ عُمْرَهُ ثُمَّ لَمْ يَحْكُمْ أَمْرَهُ ، وَلَكِنِ اقْتَصَرْنَا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى أُصُولِهِ ، وَالرَّمْزِ إِلَى بَعْضِ فُصُولِهِ ; فَإِنَّ الصِّنَاعَةَ طَوِيلَةٌ وَالْعُمُرَ قَصِيرٌ ، وَمَاذَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ لِسَانُ التَّقْصِيرِ .
هَذَا آخَرُ كَلَامِ
الزَّرْكَشِيِّ فِي خُطْبَتِهِ .
وَلَمَّا وَقَفْتُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ ازْدَدْتُ بِهِ سُرُورًا ، وَحَمِدْتُ اللَّهَ كَثِيرًا ، وَقَوِيَ الْعَزْمُ عَلَى إِبْرَازِ مَا أَضْمَرْتُهُ ، وَشَدَدْتُ الْحَزْمَ فِي إِنْشَاءِ التَّصْنِيفِ الَّذِي قَصَدْتُهُ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَلِيَّ الشَّأْنِ ، الْجَلِيَّ الْبُرْهَانِ ، الْكَثِيرَ الْفَوَائِدِ وَالْإِتْقَانِ ، وَرَتَّبْتُ أَنْوَاعَهُ تَرْتِيبًا أَنْسَبَ مِنْ تَرْتِيبِ الْبُرْهَانِ ، وَأَدْمَجْتُ بَعْضَ الْأَنْوَاعِ فِي بَعْضٍ ، وَفَصَلْتُ مَا حَقُّهُ أَنْ يُبَانَ ، وَزِدْتُهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْفَرَائِدِ ، وَالْقَوَاعِدِ وَالشَّوَارِدِ ، مَا يُشَنِّفُ الْآذَانَ ، وَسَمَّيْتُهُ : " الْإِتْقَانَ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ " . وَسَتَرَى فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّصْنِيفِ مُفْرَدًا ، وَسَتُرْوَى مِنْ مَنَاهِلِهِ الْعَذْبَةِ رِيًّا لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ أَبَدًا . وَقَدْ جَعَلْتُهُ مُقَدِّمَةً لِلتَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ الَّذِي شَرَعْتُ فِيهِ . وَسَمَّيْتُهُ ب " مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَمَطْلَعِ الْبَدْرَيْنِ ، الْجَامِعِ لِتَحْرِيرِ الرِّوَايَةِ ، وَتَقْرِيرِ الدِّرَايَةِ " .