[ ص: 213 ] النوع الحادي والستون في
nindex.php?page=treesubj&link=28914خواتم السور .
هي أيضا مثل الفواتح في الحسن لأنها آخر ما يقرع الأسماع فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى لا يبقى معه للنفوس تشوف إلى ما يذكر بعد ، لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض ، وتحميد ، وتهليل ومواعظ ، ووعد ووعيد إلى غير ذلك .
كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة ، إذ المطلوب الأعلى : الإيمان المحفوظ من المعاصي المسببة لغضب الله والضلال ، ففصل جملة ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الذين أنعمت عليهم والمراد المؤمنون ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيده ليتناول كل إنعام لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم الله عليه بكل نعمة; لأنها مستتبعة لجميع النعم ، ثم وصفهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير المغضوب عليهم ولا الضالين يعني أنهم جمعوا بين النعم المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله تعالى والضلال المسببين عن معاصيه وتعدي حدوده .
[ ص: 214 ] وكالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة ، وكالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
والفرائض التي ختمت بها سورة النساء ، وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هو آخر أمر كل حي ، ولأنها آخر ما نزل من الأحكام وكالتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة وكالوعد والوعيد الذي ختمت به الأنعام ، وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذي ختمت به الأعراف ، وكالحض على الجهاد ، وصلة الأرحام التي ختم به الأنفال ، وكوصف الرسول ومدحه ، والتهليل الذي ختمت به براءة ، وتسليته عليه الصلاة والسلام الذي ختمت به
يونس ، ومثلها خاتمة
هود ، ووصف القرآن ومدحه الذي ختم به
يوسف ، والوعيد والرد على من كذب الرسول الذي ختم به الرعد .
ومن أوضح ما آذن بالختام خاتمة
إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هذا بلاغ للناس الآية .
ومثلها خاتمة الأحقاف ، وكذا خاتمة الحجر بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وهو مفسر بالموت فإنها في غاية البراعة .
وانظر إلى سورة الزلزلة ، كيف بدئت بأهوال القيامة وختمت بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وانظر إلى براعة آخر آية نزلت وهي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله [ البقرة : 281 ] . وما فيها من الإشعار بالآخرية المستلزمة للوفاة .
وكذلك آخر سورة نزلت وهي سورة النصر فيها الإشعار بالوفاة ، كما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن
عمر سألهم عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح فقالوا : فتح المدائن والقصور . قال : ما تقول يا
ابن عباس ؟ قال : أجل
[ ص: 215 ] ضرب
لمحمد نعيت له نفسه .
وأخرج أيضا عنه قال : كان
عمر يدخلني مع أشياخ
بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه ، فقال : لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ، فقال
عمر : إنه من قد علمتم ثم دعاهم ذات يوم فقال : ما تقولون في قول الله
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم فلم يقل شيئا ، فقال لي : أكذلك تقول يا
ابن عباس ؟ فقلت : لا ، قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له . قال : إذا
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فقال
عمر : إني لا أعلم منها إلا ما تقول .
[ ص: 213 ] النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28914خَوَاتِمِ السُّوَرِ .
هِيَ أَيْضًا مِثْلُ الْفَوَاتِحِ فِي الْحُسْنِ لِأَنَّهَا آخَرُ مَا يَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ فَلِهَذَا جَاءَتْ مُتَضَمِّنَةً لِلْمَعَانِي الْبَدِيعَةِ مَعَ إِيذَانِ السَّامِعِ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَعَهُ لِلنُّفُوسِ تَشَوُّفٌ إِلَى مَا يُذْكَرُ بَعْدُ ، لِأَنَّهَا بَيْنَ أَدْعِيَةٍ وَوَصَايَا وَفَرَائِضَ ، وَتَحْمِيدٍ ، وَتَهْلِيلٍ وَمَوَاعِظَ ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
كَتَفْصِيلِ جُمْلَةِ الْمَطْلُوبِ فِي خَاتِمَةِ الْفَاتِحَةِ ، إِذِ الْمَطْلُوبُ الْأَعْلَى : الْإِيمَانُ الْمَحْفُوظُ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُسَبِّبَةِ لِغَضَبِ اللَّهِ وَالضَّلَالِ ، فَفَصَّلَ جُمْلَةَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وَالْمُرَادُ الْمُؤْمِنُونَ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْإِنْعَامَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ إِنْعَامٍ لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ الْإِيمَانِ فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ نِعْمَةٍ; لِأَنَّهَا مُسْتَتْبِعَةٌ لِجَمِيعِ النِّعَمِ ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ يَعْنِي أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ النِّعَمِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَبَيْنَ السَّلَامَةِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَالضَّلَالِ الْمُسَبَّبَيْنِ عَنْ مَعَاصِيهِ وَتَعَدِّي حُدُودِهِ .
[ ص: 214 ] وَكَالدُّعَاءِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَكَالْوَصَايَا الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا
وَالْفَرَائِضُ الَّتِي خُتِمَتْ بِهَا سُورَةُ النِّسَاءِ ، وَحَسُنَ الْخَتْمُ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ أَحْكَامِ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ آخِرُ أَمْرِ كُلِّ حَيٍّ ، وَلِأَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَكَالتَّبْجِيلِ وَالتَّعْظِيمِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْمَائِدَةُ وَكَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْأَنْعَامُ ، وَكَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْعِبَادَةِ بِوَصْفِ حَالِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ الْأَعْرَافُ ، وَكَالْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ الَّتِي خَتَمَ بِهِ الْأَنْفَالُ ، وَكَوَصْفِ الرَّسُولِ وَمَدْحِهِ ، وَالتَّهْلِيلِ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ بَرَاءَةٌ ، وَتَسْلِيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي خُتِمَتْ بِهِ
يُونُسُ ، وَمِثْلُهَا خَاتِمَةُ
هُودٍ ، وَوَصْفُ الْقُرْآنِ وَمَدْحُهُ الَّذِي خَتَمَ بِهِ
يُوسُفَ ، وَالْوَعِيدُ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ كَذَّبَ الرَّسُولَ الَّذِي خَتَمَ بِهِ الرَّعْدَ .
وَمِنْ أَوْضَحِ مَا آذَنَ بِالْخِتَامِ خَاتِمَةُ
إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ الْآيَةَ .
وَمِثْلُهَا خَاتِمَةُ الْأَحْقَافِ ، وَكَذَا خَاتِمَةُ الْحِجْرِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهَا فِي غَايَةِ الْبَرَاعَةِ .
وَانْظُرْ إِلَى سُورَةِ الزَّلْزَلَةِ ، كَيْفَ بُدِئَتْ بِأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَخُتِمَتْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَانْظُرْ إِلَى بَرَاعَةِ آخَرِ آيَةٍ نَزَلَتْ وَهِيَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [ الْبَقَرَةِ : 281 ] . وَمَا فِيهَا مِنَ الْإِشْعَارِ بِالْآخِرِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْوَفَاةِ .
وَكَذَلِكَ آخَرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ وَهِيَ سُورَةُ النَّصْرِ فِيهَا الْإِشْعَارُ بِالْوَفَاةِ ، كَمَا أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
عُمَرَ سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فَقَالُوا : فَتْحُ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ . قَالَ : مَا تَقُولُ يَا
ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ قَالَ : أَجَلٌ
[ ص: 215 ] ضُرِبَ
لِمُحَمَّدٍ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهُ قَالَ : كَانَ
عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ
بَدْرٍ فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : لِمَ يَدْخُلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ ، فَقَالَ
عُمَرُ : إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ ثُمَّ دَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَمَرَنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا . وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ لِي : أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا
ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ فَقُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَمَا تَقُولُ ؟ قُلْتُ : هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ . قَالَ : إِذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا فَقَالَ
عُمَرُ : إِنِّي لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ .