[ ص: 282 ] النوع الثامن والستون في
nindex.php?page=treesubj&link=28903جدل القرآن .
أفرده بالتصنيف
نجم الدين الطوفي .
قال العلماء : قد اشتمل القرآن العظيم على جميع أنواع البراهين والأدلة وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحذير يبنى من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله قد نطق به ، لكن أورده على عادات العرب دون دقائق طرق المتكلمين لأمرين .
أحدها : بسبب ما قاله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم [ إبراهيم : 4 ] .
والثاني : أن المائل إلى دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام ، فإن من استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون ، ولم يكن ملغزا فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه في أجلى صورة ، ليفهم العامة من جليها ما يقنعهم وتلزمهم الحجة وتفهم الخواص من أثنائها ما يربى على ما أدركه فهم الخطباء .
وقال
ابن أبي الإصبع : زعم
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ أن
nindex.php?page=treesubj&link=28903المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن وهو مشحون به . وتعريفه أنه احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له فيه على طريقة أرباب الكلام ، ومنه نوع منطقي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة ، فإن الإسلاميين من أهل هذا العلم ذكروا أن من أول سورة الحج إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وأن الله يبعث من في القبور [ الحج : 7 ] . خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات :
قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذلك بأن الله هو الحق [ الحج : 6 ] . لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظما لها ، وذلك مقطوع بصحته ، لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه
[ ص: 283 ] عمن تثبت قدرته منقول إلينا بالتواتر فهو حق ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق فالله هو الحق .
وأخبر تعالى أنه يحيي الموتى لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر ، وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي يعملها الله من أجلهم ، وقد ثبت أنه قادر على كل شيء ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيي الموتى وأخبر أنه على كل شيء قدير ، لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين ، ومن يجادل فيه بغير علم ، يذقه عذاب السعير ، ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شيء قدير فهو على كل شيء قدير .
وأخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وأن الساعة آتية لا ريب فيها [ الحج : 6 ] . لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لكيلا يعلم من بعد علم شيئا [ الحج : 6 ] . وضرب لذلك مثلا بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، ومن خلق الإنسان على ما خبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت ، ثم يعيده بالبعث ، وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها بالمحل ، ثم أحياها بالخصب ، وصدق خبره في ذلك كله بدلالة الواقع المشاهد على المتوقع الغائب حتى انقلب الخبر عيانا صدق خبره في الإتيان بالساعة .
ولا يأتي بالساعة إلا من يبعث من في القبور; لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة فهي آتية لا ريب فيها وهو سبحانه وتعالى يبعث من في القبور .
وقال غيره :
nindex.php?page=treesubj&link=28903_30336استدل سبحانه وتعالى على المعاد الجسماني بضروب .
أحدها : قياس الإعادة على الابتداء كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كما بدأكم تعودون [ الأعراف : 29 ] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كما بدأنا أول خلق نعيده [ الأنبياء : 104 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=15أفعيينا بالخلق الأول [ ق : 15 ] .
ثانيها : قياس الإعادة على خلق السماوات والأرض بطريق الأولى قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر [ يس : 81 ] . الآية .
ثالثها : قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات .
[ ص: 284 ] رابعها : قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر .
وقد روى
الحاكم وغيره أن
أبي بن خلف جاء بعظم ففته ، فقال : أيحيي الله هذا بعد ما بلي ورم ، فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها الذي أنشأها أول مرة [ يس : 79 ] . فاستدل سبحانه وتعالى برد النشأة الأخرى إلى الأولى والجمع بينهما بعلة الحدوث ، ثم زاد في الحجاج بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا [ يس : 80 ] . وهذه في غاية البيان في رد الشيء إلى نظيره ، والجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض عليهما .
خامسها : في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=38وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى [ النحل : 38 ، 39 ] . الآيتين . وتقريرها أن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب انقلاب الحق في نفسه ، وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه ، والحق في نفسه واحد ، فلما ثبت أن هاهنا حقيقة موجودة لا محالة ، وكان لا سبيل لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف ويرفع عنا الاختلاف ، إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة ، ونقلها إلى صورة غيرها صح ضرورة أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة فيها يرتفع الخلاف والعناد ، وهذه هي الحالة التي وعد الله بالمصير إليها فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43ونزعنا ما في صدورهم من غل [ الأعراف : 43 ] . حقد فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون ، كذا قرره ابن السيد .
ومن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28784الاستدلال على أن صانع العالم واحد بدلالة التمانع المشار إليها في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ الأنبياء : 22 ] . لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ، ولا يتسق على أحكام ، ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما ، وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم ، وأراد الآخر إماتته ، فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزؤ الفعل إن فرض الاتفاق ، أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف . وإما ألا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما ، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه والإله لا يكون عاجزا .
[ ص: 282 ] النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28903جَدَلِ الْقُرْآنِ .
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ
نَجْمُ الدِّينِ الطُّوفِيُّ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : قَدِ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْذِيرٍ يُبْنَى مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ قَدْ نَطَقَ بِهِ ، لَكِنْ أَوْرَدَهُ عَلَى عَادَاتِ الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَمْرَيْنِ .
أَحَدُهَا : بِسَبَبِ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [ إِبْرَاهِيمَ : 4 ] .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْمَائِلَ إِلَى دَقِيقِ الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ ، فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَفْهَمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمَهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَنْحَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ ، وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجْلَى صُورَةٍ ، لِيَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جَلِيِّهَا مَا يُقْنِعُهُمْ وَتَلْزَمُهُمُ الْحُجَّةُ وَتَفْهَمَ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُرَبَّى عَلَى مَا أَدْرَكَهُ فَهُمْ الْخُطَبَاءِ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ : زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13974الْجَاحِظُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28903الْمَذْهَبَ الْكَلَامِيَّ لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ مَشْحُونٌ بِهِ . وَتَعْرِيفُهُ أَنَّهُ احْتِجَاجُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى مَا يُرِيدُ إِثْبَاتَهُ بِحُجَّةٍ تَقْطَعُ الْمُعَانِدَ لَهُ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةِ أَرْبَابِ الْكَلَامِ ، وَمِنْهُ نَوْعٌ مَنْطِقِيٌّ تُسْتَنْتَجُ مِنْهُ النَّتَائِجُ الصَّحِيحَةَ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ الصَّادِقَةِ ، فَإِنَّ الْإِسْلَامِيِّينَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ ذَكَرُوا أَنَّ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْحَجِّ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [ الْحَجِّ : 7 ] . خَمْسَ نَتَائِجَ تُسْتَنْتَجُ مِنْ عَشْرِ مُقَدِّمَاتٍ :
قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=6ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ [ الْحَجِّ : 6 ] . لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ بِزَلْزَلَةِ السَّاعَةِ مُعَظِّمًا لَهَا ، وَذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ أَخْبَرَ بِهِ مَنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ
[ ص: 283 ] عَمَّنْ تَثْبُتُ قُدْرَتُهُ مَنْقُولٌ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَا يُخْبِرُ بِالْحَقِّ عَمَّا سَيَكُونُ إِلَّا الْحَقُّ فَاللَّهُ هُوَ الْحَقُّ .
وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَهْوَالِ السَّاعَةِ بِمَا أَخْبَرَ ، وَحُصُولُ فَائِدَةِ هَذَا الْخَبَرِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِيُشَاهِدُوا تِلْكَ الْأَهْوَالَ الَّتِي يَعْمَلُهَا اللَّهُ مِنْ أَجْلِهِمْ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فَهُو يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الشَّيَاطِينَ ، وَمَنْ يُجَادِلُ فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، يُذِقْهُ عَذَابَ السَّعِيرِ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وَأَخْبَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=7وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا [ الْحَجِّ : 6 ] . لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ تُرَابٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا [ الْحَجِّ : 6 ] . وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِالْأَرْضِ الْهَامِدَةِ الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَتَهْتَزُّ وَتَرْبُو وَتُنْبِتُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ، وَمَنْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَى مَا خَبَّرَ بِهِ فَأَوْجَدَهُ بِالْخَلْقِ ثُمَّ أَعْدَمَهُ بِالْمَوْتِ ، ثُمَّ يُعِيدُهُ بِالْبَعْثِ ، وَأَوْجَدَ الْأَرْضَ بَعْدَ الْعَدَمِ فَأَحْيَاهَا بِالْخَلْقِ ثُمَّ أَمَاتَهَا بِالْمَحْلِ ، ثُمَّ أَحْيَاهَا بِالْخِصْبِ ، وَصَدَقَ خَبَرُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِدَلَالَةِ الْوَاقِعِ الْمُشَاهَدِ عَلَى الْمُتَوَقَّعِ الْغَائِبِ حَتَّى انْقَلَبَ الْخَبَرُ عِيَانًا صَدَقَ خَبَرُهُ فِي الْإِتْيَانِ بِالسَّاعَةِ .
وَلَا يَأْتِي بِالسَّاعَةِ إِلَّا مَنْ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ; لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةٍ تَقُومُ فِيهَا الْأَمْوَاتُ لِلْمُجَازَاةِ فَهِيَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28903_30336اسْتَدَلَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ بِضُرُوبٍ .
أَحَدُهَا : قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [ الْأَعْرَافِ : 29 ] ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=104كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [ الْأَنْبِيَاءِ : 104 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=15أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ [ ق : 15 ] .
ثَانِيهَا : قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ [ يس : 81 ] . الْآيَةَ .
ثَالِثُهَا : قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ .
[ ص: 284 ] رَابِعُهَا : قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِخْرَاجِ النَّارِ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ .
وَقَدْ رَوَى
الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَنَّ
أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ جَاءَ بِعَظْمٍ فَفَتَّهُ ، فَقَالَ : أَيُحْيِي اللَّهُ هَذَا بَعْدَ مَا بَلِيَ وَرَمَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ [ يس : 79 ] . فَاسْتَدَلَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِرَدِّ النَّشْأَةِ الْأُخْرَى إِلَى الْأُولَى وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِعِلَّةِ الْحُدُوثِ ، ثُمَّ زَادَ فِي الْحِجَاجِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا [ يس : 80 ] . وَهَذِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي رَدِّ الشَّيْءِ إِلَى نَظِيرِهِ ، وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ تَبْدِيلِ الْأَعْرَاضِ عَلَيْهِمَا .
خَامِسُهَا : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=38وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى [ النَّحْلِ : 38 ، 39 ] . الْآيَتَيْنِ . وَتَقْرِيرُهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقِّ لَا يُوجِبُ انْقِلَابَ الْحَقِّ فِي نَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَيْهِ ، وَالْحَقُّ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَاهُنَا حَقِيقَةً مَوْجُودَةً لَا مَحَالَةَ ، وَكَانَ لَا سَبِيلَ لَنَا فِي حَيَاتِنَا إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهَا وُقُوفًا يُوجِبُ الِائْتِلَافَ وَيَرْفَعُ عَنَّا الِاخْتِلَافَ ، إِذْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَرْكُوزًا فِي فِطَرِنَا وَكَانَ لَا يُمْكِنُ ارْتِفَاعُهُ وَزَوَالُهُ إِلَّا بِارْتِفَاعِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ ، وَنَقْلِهَا إِلَى صُورَةِ غَيْرِهَا صَحَّ ضَرُورَةً أَنَّ لَنَا حَيَاةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الْحَيَاةِ فِيهَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَالْعِنَادُ ، وَهَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ بِالْمَصِيرِ إِلَيْهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [ الْأَعْرَافِ : 43 ] . حِقْدٍ فَقَدْ صَارَ الْخِلَافُ الْمَوْجُودُ كَمَا تَرَى أَوْضَحَ دَلِيلٍ عَلَى كَوْنِ الْبَعْثِ الَّذِي يُنْكِرُهُ الْمُنْكِرُونَ ، كَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ السَّيِّدِ .
وَمِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28784الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ بِدَلَالَةِ التَّمَانُعِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [ الْأَنْبِيَاءِ : 22 ] . لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ لَكَانَ لَا يَجْرِي تَدْبِيرُهُمَا عَلَى نِظَامٍ ، وَلَا يَتَّسِقُ عَلَى أَحْكَامٍ ، وَلَكَانَ الْعَجْزُ يَلْحَقُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِحْيَاءَ جِسْمٍ ، وَأَرَادَ الْآخَرُ إِمَاتَتَهُ ، فَإِمَّا أَنْ تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا فَيَتَنَاقَضُ لِاسْتِحَالَةِ تَجَزُّؤِ الْفِعْلِ إِنْ فُرِضَ الِاتِّفَاقُ ، أَوْ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ إِنْ فُرِضَ الِاخْتِلَافُ . وَإِمَّا أَلَّا تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا فَيُؤَدِّي إِلَى عَجْزِهِمَا ، أَوْ لَا تَنْفُذَ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا فَيُؤَدِّي إِلَى عَجْزِهِ وَالْإِلَهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا .