[ ص: 460 ] : . إذا
على وجهين :
أحدهما : أن تكون للمفاجأة ، فتختص بالجمل الاسمية ، ولا تحتاج لجواب ، ولا تقع في الابتداء ، ومعناها الحال لا الاستقبال ، نحو : فألقاها فإذا هي حية تسعى [ طه : 20 ] ، فلما أنجاهم إذا هم يبغون [ يونس : 23 ] وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا [ يونس : 21 ] .
قال : ومعنى المفاجأة حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية ، تقول : خرجت فإذا الأسد بالباب ، فمعناه حضور الأسد معك في زمن وصفك بالخروج أو في مكان خروجك . وحضوره معك في مكان خروجك ألصق بك من حضوره في خروجك ; لأن ذلك المكان يخصك دون ذلك الزمان ، وكلما كان ألصق كانت المفاجأة فيه أقوى . ابن الحاجب
واختلف في ( إذا ) هذه :
.
فقيل : إنها حرف ، وعليه الأخفش ، ورجحه ابن مالك .
وقيل : ظرف مكان ، وعليه ، ورجحه المبرد ابن عصفور .
وقيل : ظرف زمان ، وعليه ورجحه الزجاج ، وزعم أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة . الزمخشري
قال : التقدير : ثم إذا دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت . ثم قال ابن هشام : ولا يعرف ذلك لغيره ، وإنما يعرف ناصبها عندهم الخبر المذكور أو المقدر ، قال : ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحا به .
الثاني : أن تكون لغير المفاجأة ، فالغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمنة معنى الشرط ، وتختص بالدخول على الجمل الفعلية ، وتحتاج لجواب ، وتقع في الابتداء عكس الفجائية .
والفعل بعدها : إما ظاهر ، نحو : إذا جاء نصر الله [ النصر : 1 ] ، أو مقدر ، نحو : إذا السماء انشقت [ الانشقاق : 1 ] .
وجوابها إما فعل ، نحو : فإذا جاء أمر الله قضي بالحق [ غافر : 78 ] . أو جملة اسمية مقرونة بالفاء ، نحو : فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير [ المدثر : 8 ، - 9 ] فإذا نفخ في الصور فلا أنساب [ المؤمنون : 101 ] أو فعلية طلبية كذلك ، نحو : فسبح بحمد ربك [ النصر : 3 ] ، أو اسمية مقرونة بإذا الفجائية ، نحو : إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون [ الروم : 25 ] ، فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون [ الروم : 48 ] .
[ ص: 461 ] وقد يكون مقدرا لدلالة ما قبله عليه ، أو لدلالة المقام ، وسيأتي في أنواع الحذف .
وقد تخرج ( إذا ) عن الظرفية ، قال الأخفش في قوله تعالى : حتى إذا جاءوها [ الزمر : 71 ] إن ( إذا ) جر بحتى .
وقال في قوله تعالى : ابن جني إذا وقعت الواقعة [ الواقعة : 1 ] الآية ، فيمن نصب ( خافضة رافعة ) [ الواقعة : 3 ] : إن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر ، والمنصوبان حالان ، وكذا جملة ليس ومعمولاها . والمعنى : وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين - هو وقت رج الأرض .
والجمهور أنكروا خروجها عن الظرفية ، وقالوا في الآية الأولى : إن ( حتى ) حرف ابتداء ، داخل على الجملة بأسرها ولا عمل له ، وفي الثانية : إن ( إذا ) الثانية بدل من الأولى ، والأولى ظرف وجوابها محذوف لفهم المعنى ، وحسنه طول الكلام ، وتقديره بعد إذا الثانية : أي : انقسمتم أقساما ، وكنتم أزواجا ثلاثة .
وقد تخرج عن الاستقبال :
فترد للحال ، نحو : والليل إذا يغشى [ الليل : 1 ] ، فإن الغشيان مقارن لليل : والنهار إذا تجلى [ الليل : 2 ] ، والنجم إذا هوى [ النجم : 1 ] .
وللماضي ، نحو : وإذا رأوا تجارة أو لهوا [ الجمعة : 11 ] الآية ، فإن الآية نزلت بعد الرؤية والانفضاض ، وكذا قوله تعالى : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه [ التوبة : 92 ] ، حتى إذا بلغ مطلع الشمس [ الكهف : 90 ] ، حتى إذا ساوى بين الصدفين [ الكهف : 96 ] .
وقد تخرج عن الشرطية ، نحو : وإذا ما غضبوا هم يغفرون [ الشورى : 37 ] ، والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون [ الشورى : 39 ] ، فإذا في الآيتين ظرف لخبر المبتدإ بعدها ، ولو كانت شرطية - والجملة الاسمية جواب - لاقترنت بالفاء .
وقول بعضهم : إنه على تقديرها ، مردود بأنها لا تحذف إلا لضرورة . وقول آخر : إن الضمير توكيد لا مبتدأ ، وأن ما بعده الجواب ، تعسف . وقول آخر : جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها ، تكلف من غير ضرورة .