الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            دور القيادة في إدارة الأزمة

            سلوى حامد الملا

            المبحث الأول

            أنموذج عمر بن الخطاب رضي الله عنه

            في إدارة أزمة عام الرمادة

            ارتبطت أكبر الأزمات في الدولة الإسلامية، بعصر الخليفة الراشد الفاروق عـمـر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثاني الخلفاء الراشـدين، الذي اتسـعت في عهده الدولة الإسـلامية وازدادت الفتوحات والانتصـارات؛ ومن أشهر الأزمات، التي تعرضت لها الدولة ما عرف بأزمة عام الرمادة [1] .

            وقعت الأزمـة الاقتصـاديـة في شـبه الجـزيـرة، وعمت منطـقـة الحجاز وما حولها حتى أجهدتهم. سميت هذه الأزمة بعام الرمادة [2] . كانت في آخر السنة السابعة عشرة وأوائل السنة الثامنة عشرة من الهجرة، بما يوافق السنة الخامسة من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستمرت تسعة أشهر [3] .

            لقد كان من أثر انحباس المطر تسعة أشهر كاملة، وهبوب الرياح، وهلاك الزرع والضرع، جوع أهلك الناس والأنعام، فقد فني الكثير من قطعان الغنم والماشية، وجف ما بقي منها [4] . [ ص: 151 ]

            وكان لذلك تبعات وآثار اقتصـادية امتد أثرها إلى الأسواق، فلم يبق فيها ما يبـاع ويشـترى، وأصـبـحت الأموال في أيـدي أصحابها لا قيمة لها، إذ لا يجدون لقاءها ما يسد رمقهم، وطال الجهد واشتد البلاء، فكان الناس يحفرون أنفاق اليرابيع والجرذان ويخرجون ما فيها. وكان أهل المدينة أحـسن من غيرهم حالا أول العهد بالمجاعـة، فالمدينة حضـر، ادخر أهـله حين الرخاء ما اعتاد أهل الحضر ادخاره، فلما بدأ الجدب جعلوا يخرجون ما ادخروا يعيشـون منه. لذلك، فإن أكثر من تضـرر في بداية المجـاعة هم أهل البادية، ولم يكن لديهم مدخر، فاشتد بهم الكرب في أول الأمر، ثم هرعوا إلى المدينة يجأرون إلى أمير المؤمنين بالشكوى ويلتمسون لدى أهلها فتاتا يقيمهم [5] . وامتد ضررها لتشمل سكان المدينة ومنطقة الحجاز [6] .

            نقل الواقدي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: "لما كان عام الرمادة، جاءت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة، فكان عمر قد أمر رجالا يقومون بمصالحهم، فسمعته يقول ليلة: أحصوا من يتعشى عندنا، فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وأحصوا الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعين ألفا. ثم بعد أيام بلغ الرجال والعيال ستين ألفا، فما برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل بهم يخرجونهم إلى البادية [ ص: 152 ] ويعطونهم قوتا وحملانا إلى باديتهم، وكان قد وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم، وكانت قدور عمر يقوم إليها العمال من السحر يعملون الكركور ويعملون العصائد" [7] .

            - أولا: إدارة الأزمة من منظور السنن الإلهية:

            تطلق السنة في اللغة على السيرة والطريقة، حسنة كانت أو قبيحة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء ) [8] .

            الأزمات ظاهرة ترافق سـائر الأمم والشعوب في جميع مراحل ازدهارها أو تراجعها، ذلك أن الإنسان والكون والحياة يخضعون لسـنن ونواميس وقوانـين، والحياة بكل ما فيها لا يمكن فهمها ولا التعـرف على أسـباب أزماتها ومواطن إصـاباتها إلا بعد إدراك هذه السـنن، من خلال مقدمات تورث نتائج. [ ص: 153 ]

            وتعرف السنن الإلهية بأنها [9] : "مجموعة القوانين، التي يسير وفقها الوجود كله، وتتحرك بمقتضاها الحياة. وتحكم جزئياتها ومفرداتها فلا يشذ عنها مخلوق، وما في الكون ذرة أو حركة إلا لها قانون وسنة، فكل الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات إلا وله قـانون، وما من كوكـب أو نجم إلا وله قانون لا إرادي أو لا ذاتي يسـير وفقه، وما من حركة نفسـية أو اجـتـماعية أو نقلة حضـارية إلا ولها قانون أيضا يتجلى في الأسباب والعوامل المؤدية إليها" [10] .

            1- أهمية تفعيل السنن الإلهية:

            تفعيل السنن الإلهية، يعين على وصل الأحداث الواقعية بما سبق من تاريخ الأمم، والاستفادة مما استفادت به الأمم السابقة، واستقراء الواقع بعين مجردة تعين المحلل على إيجاد الثغرات وتجنب الهفوات والعثرات، وإيجاد صلة بين العقيدة والإيمان. [ ص: 154 ]

            وبما أن أهـم وظـيـفـة لـوجـود الإنسـان هي الاسـتـخـلاف في الأرض، فإن مفهوم "السنن" يشكل بعدا محوريا في فهم حقيقة الإنسان، وحقيقة وظيفته الاستخلافية في هذا الكون، وفهم طبائع الحياة وأنماط العيش، وإدراك التغيرات والتحولات، التي تأخذ حيزها في الآفاق والأنفس، والتاريخ، وفق سنن مضطردة.

            أما فيما يتعلق بالأزمة، فإن السـنن ترسم بعدا مآليا للقرارات، الـتي تتـخذ في رسـم السـياسات العامـة لإدارة الأزمـات، "فمن النـاس من لا يستطيعون العيش إلا في مناخ الأزمات مثل الاحتكاريين في أزمان الحروب والمجاعات، الذين يتلاعبون بأقوات الناس ومصالحهم، فهم بذلك يصنعون الأزمة ويصعدون عليها ولا يعالجونها" [11] .

            والسنن الكونية لا تحابي أحدا، ولا سبيل للنهوض والبناء الحضاري والوقاية من الأزمات إلا باستيعاب هذه السنن وسبل تسخيرها، وكيفية التعامل معها، وفهم قوانين الأشياء، وقوانين الخلق، والتعامل معها، ومغالبة قدر بقدر، والوعي أن هذه السنن على صرامتها لا تلغي فعل الإنسان وإرادته، وإنما تمنحه القدرة على الرؤية الصائبة [12] .

            فقه السنن لا يشكل فقط وقاية من الأزمات، التي تلحق بالإنسان، بسبب جهله ومحـاولة تجـاوزها؛ وإنما فقه السـنن يشكل دلـيـلا للتـعامل مع الأزمات وكيفية إدارتها بعد وقوعها، وتجنبها قبل وقوعها، كما أن [ ص: 155 ] السـير في الأرض واكتشاف السنن لا يدل على أسباب سقوط ونهوض الدول، وإنما يمنح الفقه بكيفية التعامل مع الأزمات وكيفية تجاوزها.

            وهناك انتـقادات موجـهـة إلى إحـدى صـور منهـجـيـة التـعـامـل مـع الأزمـة كما وردت في بعض أدبيات الفكر الإسلامي، إذ تأخذ حالتين: الحالة الأولى، من يلقي بتبعة الأزمات على (الآخر) بمعنى الحكم على الإنسان بأنه دون القدرة على التعامل مع الظروف والنوازل وأهلية قيادة الأزمة وحسن إدارتها ومعالجة أسبابها. والحالة الثانية، (الإلقاء بالتبعة على القدر) بأن الطبيعة البشرية دون سوية فهم معرفة الوحي، التي تمنح فقه السنن وتقدم نماذج للتدريب والاقتداء، وليس ذلك فقط وإنما إغلاق منافذ التفكير كلها والتي يمكن أن تؤدي إلى إدارة الأزمة، واكتشاف مواطن الخلل، والتعرف على أسباب القصور ومواطن التقصير، وإلغاء رد الفعل العفوي في الاستجابة للتحدي والتفكير في سبيل الخروج.

            وكل أزمة تحمل في داخلها بذور الحل، واليسر قرين العسر، قال الله تعالى: ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) (النساء:19).

            فمواطن الخير، التي تلازم الأزمة وتشكل نقاط الانطلاق والخروج منها، تتطلب فقه الأزمة، بمعنى الاستيعاب والإحاطة بالأسباب والنتائج.

            فالمنهج الإسلامي في التعامل مع الأزمة يتمثل في تحويل النقمة إلى نعمة، والمحنة إلى منحة، والبلاء إلى عطاء؛ ذلك لأن الأزمة تشكل في أوقات كثيرة جرس إنذار الأمة لتستيقظ من سباتها لتحقيق المراجعة، واكتشاف أسباب [ ص: 156 ] الخلل ومواطنه، ووضع مخطط لحركة الأمة، لا يقتصر على التخفيف من آثار الأزمة، وإنما تحول الأزمة إلى حل.

            وتكشف بواطن الأزمة ما تتضمنه من ملامح الانفراج ورؤية الحل، فالأزمة دائما تحمل في داخلها سبل الحل والخروج: ( فإن مع العسر يسرا ) (الانشراح:5) وهو الذي يغذيه الدعاء، بحيث يصل بالإنسان إلى الأمل والرجاء، وتحقيق القدرة على المواجهة المستندة إلى بارئ الكون، صاحب القدرة المطلقة على الهداية إلى الحل، فهو الذي يؤدي إلى الارتقاء والمناعة المستقبلية. وهذا لا يتحقق إلا مع العمل على فهم الأزمة، وإدراكها وبيان توجهاتها، وتصور الآثار المترتبة عليها، والأسباب التي أوجدتها مع امتلاك التخصص والخبرة والمهارة [13] .

            إن العالم المتقدم قد تمكن، من خلال اتباعه المنهج العلمي القائم على الاندهاش والملاحظة والتجربة والخطأ والمحاولة المستمرة، أن يكتشف الكثير من السنن والقوانين الاجتماعية، وقوانين المادة لتصبح ثقافة عامة لديهم، يتعامل معها الناس في مواقعهم المختلفة، حتى باتت أدوات القياس والتقويم ووسائل اكتشاف الخطأ جزءا لا يتجزأ من حياتهم وحضارتهم، فأي خطأ أو خلل خاضع للدراسة والمراجعة، وتحديد مواطن التقصير وأسباب القصور، ومن ثم استصحاب ذلك للحيلولة دون تكرار الإصابة ووقوع الأزمة، مهما كانت مساحتها. [ ص: 157 ]

            كما أن مفهوم إدارة الأزمة، من الحكمة التي اشترطها الفقهاء في التصدي للولايات العامة، وهو مندرج تحت مفهوم "التدبير"، الذي تتولاه السياسة الشرعية، باعتبارها تدبير الأمر بما يصلحه، ذلك أن امتلاك القدرة على إدارة الأزمة ضروري لبقاء المؤسسات في مواجهة الفتن، كما أن مواجهة إدارة الأزمة هو اختبار حقيقي لكفاءة الإدارة [14] .

            2- التفكير السنني منهج لإدارة الأزمة:

            وعلى الرغم من الأخطار، التي تبدو في الأزمة، إلا أنها تحمل في داخلها عددا من الإيجابيات، من أهمها: إنها تعطي فرصة للتغيير، كما أنها تهيئ الأجواء لظهور القادة والفاعلين، وتسهم في تحفيز أجهزة الإنذار المبكر لدى الأنظمة والمؤسسات، وتمكن من مواجهة المشكلات الكامنة، مما يعطي للإدارة قدرة تنافسية جديدة، ويشكل إرشادا للإدارات للاستفادة من إيجابيات الأزمة.

            ومن المهم كذلك، العمل على امتلاك القدرة لتوظيف الأزمة في استرداد فاعلية الأمة، وتجديدها، وظهور القيادات والنخب الجديدة، وبيان أثر الترف والفساد والفسوق والمعاصي في هشاشة بناء النظم الأخلاقية والنسيج الاجتماعي للأمة، وبمعنى آخر: كيف يمكن أن تكون الأزمة فرصة أو لحظة تاريخية تلتقط للمراجعة على مختلف الأصعدة؟ [ ص: 158 ]

            ولا يمكن التعامل مع الأزمات، دون استيعاب السنن [15] وامتلاك القدرة على تسخيرها والوصول إلى إمكانية مغالبة قدر بقدر، كما لا يمكن تفسير وقراءة الأحداث الجارية في مجالي الخير والشر، والتعامل معها، ومعالجتها واستدراكها، والقدرة على تجاوزها، إلا من خلال سنن الله في الأنفس والآفاق، في ذلك يقول الله عز وجل: ( سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا ) (الأحزاب:38)، وإدراك ذلك يمثل أبعاد مهمة الاستخلاف في الأرض والاضطلاع بحمل الأمانة، فمن خلال هذا الاستخلاف، تكتشف السنن ويتولد معها فقه التعامل.

            لقد كان الرسـول صلى الله عليه وسلم دليلا هاديا للناس للتعامل مع سـنن الله وأقداره في الحياة والأحياء، في كل الأحوال، حيث تتحقق هذه السنن الجارية من خلال عزمات البشر، ذلك أن حسن تسخير هذه السنن، هي قضية الإنسان في الأرض، وأن الإخفاق في تسخيرها أو الغفلة عنها مؤذن بالوقوع في الشدة والأزمة نتيجة للارتطام بها، المؤدي لضياع الأجر والثواب.

            وتحتاج إدارة الأزمة إلى امتلاك مهارة التفكير السنني، والتفكير التسخيري، الذي يأخذ بالسنن والأسباب ليواجه الأزمات، ولا ينتظر حدوث الكرامات والمعجزات. [ ص: 159 ]

            فالأزمة، حسب الرؤية الإسلامية، لها قانون، فهي من خلق الله سبحانه وتـعالى: ( ... ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) (طـه:50)، أي خلق كل شيء لغاية، وأرشده للغاية من خلقه، والله تعالى يبتلي بالأزمات لترجع الأمم لمراجعة أوضاعها (حديث ركاب السفينة) [16] ، فمن اهتدى لقانون التعامل مع الأزمة تمكن من تحويل المحنة إلى منحة [17] .

            - ثانيا: دخول سيدنا عمر الإسلام:

            كانت أول شعاعة من نور الإسلام لامست قلبه، يوم رأى نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن بعيدا عنها. وبعد هذه الحادثة، أسلم عمر بن الخطاب.. كما كان إسلامه ثمرة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد دعا له بقوله: ( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ) وكان أحبهما إليه عمر [18] ..

            ولقد أعز الله الإسلام والمسلمين، بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه . [ ص: 160 ]

            ومن شدة فهمه واستيعابه لمقاصد القرآن الكريم نزل القرآن الكريم موافقا لرأيه في بعض المواقف، يقول رضي الله عنه : "وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر" [19] .

            ومما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عن عمر رضي الله عنه [20] :

            - ( إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ) [21] .

            - ( لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر ) [22] .

            - ( ... لم أر عبقريا من الناس يفري فريه ) [23] .

            وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر ) [24] .

            والعبقرية، التي اتسم بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعتبر من أهم الصـفات، التي أهلته لحسن إدارته الدولة الإسلامية. [ ص: 161 ]

            كما تـمـيز سيدنا عـمـر رضي الله عنه كذلك بقوة الإيمان، فعن أبي سـعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي، وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك، وعـرض علي عمـر بن الخـطـاب وعليـه قميص يجـره، قـالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين ) [25] .

            كما تميز رضي الله عنه بالخطاب بالعلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينا أنا نائم شربت يعني اللبن حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري أو في أظفاري، ثم ناولت عمر، فقالوا: فما أولته؟ قال: العلم ) [26] .

            ومن صفاته: الشجاعة، والعدل، والخبرة وسعة الإطلاع، والهيبة وقوة الشخصية، والفراسة والفطنة وبعد النظر، والكرم، والقدوة الحسنة، والشدة والحزم، والتقوى والورع [27] ، وحسن الخلق، والرحمة، والصبر في الشدائد، ومراعاة الشورى، وعدم الاستفراد والاستحواذ بالرأي [28] .

            كما تميز عمر رضي الله عنه بسعة الأفق، والرأي السديد؛ لأنه لم يقتصر على الاجتهاد فيما لا نص فيه، بل اجتهد في التعرف على المصلحة، التي يرمي إليها النص، من كتاب أو سنة. [ ص: 162 ]

            ومن صفاته أيضا، قوة يقينه، وحسن فهمه لدينه، وإخلاصه في عمله، وحرصه على التمسك بالحق والعدل، وقوة العقيدة، والفهم لمصالح الناس ومقاصـد التشـريع، والبراءة من الأنانية والغرض [29] .

            وكان يملك الجرأة والحسم في الحـق، وفي سـبيل المصـلحة، وبما ينم عن فهم أعمق لنصـوص القـرآن والسنة [30] .

            كان لعمر رضي الله عنه منهج، وخطة عقلية يسير عليها في تطبيق النصوص والمبادئ التشريعية، لتحقيق مصلحة الناس.

            مما سـبق، تتبين منزلة عمـر بن الخطـاب رضي الله عنه لـدى رسـول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد استحق هذه المنزلة لإصابته الحق، وشجاعته في الدفاع عن الدين وانتصاره له، وإخلاصه للإسلام والمسلمين.

            - ثالثا: الخلافة العمرية (13-23هـ/634-643م):

            استمرت خلافة الصديق رضي الله عنه أكثر من عامين، ولما اشتد عليه المرض، خاف من ترك الخلافة دون أن يستخلف ومن انقسام المسلمين، فاستقر رأيه على أن يعهد بالخلافة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه [31] ، لما يعتقد فيه من الكفاية وحسن السياسة [32] . [ ص: 163 ]

            فقد كانت الأنظار تتطلع إليه في كل حال، يطلب رأيه في مشـكلات، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأثناء خلافة الصديق كان وزيرا له، يعينه على ما يحمله من أمور المسلمين[33] ، فقد اختار الخليفة أبو بكر الصديق عمر، رضي الله عنهما، وقال: "أتـرضون بمن أستخلف عليكم؟ فإني والله ما آلوت من جهد الرأي ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: سمعنا وأطعنا" [34] .

            استهل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند توليه للخلافة في عام (13) من الهجرة النبوية [35] ، بأن ألقى على رعيته دستور حكمه [36] موضحا نهج سياسته العادلة، الذي امتزج فيه المضمون بالإيمان، وعزم الرجال، وجاء في خطابه للأمة، بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "أما بعد فقد ابتليت بكم، وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبي فما كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا، وما غاب عنا وليناه أهل القوة والأمانة، فمن أحسن جزيناه حسنا، ومن أساء عاقبناه ، ويغفر الله لنا ولكم".. ثم دعا الله: "اللهم إني ضعيف فقوني، اللهم إني غليظ فليني، اللهم إني شحيح فسخني" [37] . [ ص: 164 ]

            هـو أول من عس في عمله رضي الله عنه أي كان يمشي ليلا لحفظ الدين والناس؛ وهابه الناس هيبة عظيمة حتى تركوا الجلوس بالأفنية؛ فلما بلغه رضي الله عنه هيبة الناس له جمعهم ثم قام على المنبر حيث كان أبو بكر رضي الله عنه يضع قدميه، فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:

            "بلغني أن الناس هابوا شدتي، وخافوا غلظتي وقالوا: كان عمر يشتد ورسول الله بين أظهرنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟ ألا من قال هذا صدق، فاني كنت مع رسول الله عونه وخادمه، وكان عليه السلام من لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة، فكنت بين يديه سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى توفاه الله وهو عني راض، ثم ولي أمر المسـلمين أبوبـكر، فكان من لا تنكرون عليه دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتي بلينه فأكون سيفا مسلولا حتى يغمدني أو أمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله عز وجل وهو عني راض، ثم إني وليت أموركم أيها الناس، فأعلموا أن الشدة قد ضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي، فأما أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألين لهم بعضهم من بعض، ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يعتدي عليه حتى أضع خده على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف، فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعـروف والنـهـي عن المنـكر وإحـضـاري النصـيحـة فيما ولاني الله من أمركم" [38] . [ ص: 165 ]

            - أقوال في خلافته:

            ومن أقوال الصحابة، رضوان الله عليهم، في عمر رضي الله عنه :

            قال الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه : "كان يمنع أهله وقرابته ابتغاء وجه الله، وإني أعطي أهلي وأقربائي ابتغاء وجه الله، ولن تلقى مثل عمر، ولن تلقى مثل عمر، ولن تلقى مثل عمر".

            وقيل لعثمان رضي الله عنه : ألا تكون مثل عمر؟ قال: "لا أستطيع أن أكون مثل لقمان الحكيم" [39] .

            وقال فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه : "خير الناس بـعـد رسـول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وخير الناس بعد أبي بكر عمر" [40] .

            وهناك مجموعة من المفكرين ممن كتبوا في عمر بن الخطاب، في شخصيته وتميزها، ومنهم الشاعر محمد إقبال الذي قال: "أول عقل ممحص مسـتقل في الإسلام" [41] .

            ويقول الدكتور طه حسين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "كانت إمارته رحمة، فلقد أتاح للمسلمين أثناء خلافته لونا في الحياة، ما زالت الأمم [ ص: 166 ] المتحضـرة الآن في الغرب مقصرة عن بلوغه، على شـدة ما تجتهد وتجاهد في سبيله. وما زال المسلمون في هذه الأيام يرون هذا اللون من الحياة، التي أتاحها عمر حلما، ولا يدرون متى يصـبح حقيقة، على ما أتيح لهم وما يتاح لهم في كل يوم من الوسائل، التي تعينهم على تيسير الحياة، ولم يكن عمر يملك من هذه الوسائل شيئا" [42] .

            ويقول المستشرق "جولد تسهير" [43] :

            "وضع الخليفة عمر بن الخطاب قواعد لحقوق المحاربين، ووضع الأنظمة لشعوب البلاد المفتوحة، سواء في ذلك الوضع السياسي، أو الوضع الاقتصـادي لتلك الشـعوب. وكان عمر بن الخطـاب الخـلـيفة المتحمس، الذي أسس الدولة الإسلامية على الحقيقة، وقد ساعدت فتوحه في الشام وفلسطين ومصر في وضع الأحكام لتلك العلاقات السياسية والاقتصادية" [44] .

            أما "سيد أمير علي" فيقول [45] : "تعد خلافة عمر ذات قيمة عظيمة للإسلام، إذ كان الرجل ذا نسيج خلقي وحده, حازما عادلا مؤيدا في الحق". [ ص: 167 ] ويقول أيضا: إنه كان "شديدا عادلا، بعيد النظر، ملما بأخلاق شعبه، قبض بيد من حديد على دفة الأمور وأعنة الحكم، وقمع ذلك الميل الفطري لدى الحكام إلى الفساد، إذا ما احتكوا بترف المدن ومفاسدها. وكان أقوى حكام ذلك العصر وأشدهم بأسا وأعظمهم هيبة" [46] .

            ويعد العالم الأمريكي "مايكل هارت"، عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضمن المائة الأعظم في تاريخ البشرية من حيث عمق الأثر وعالميته، أما أعظمهم "جميعا عنده فهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو عنده صاحب النجاح المطلق على المستوى الديني والدنيوي.

            وفي تاريخ العالم، وعلى مر العصور، أنماط مختلفة من الزعامات والعبقريات في مختلف المجالات، تمثل أعظم ما وصلت إليه البشرية في مسيرتها الحضارية. هذه الأنماط تثير فينا التأمل والتفكير حينا، والدهشة والاستنكار حينا، والإكبار والإعجاب أحيانا، لكن نمطا معينا منها يستوقفنا أمامه طويلا، لأننا نلمح فيه انفراده بصفات خاصة لا نلمسها في سائر الأنماط [47] .

            لم تكن ذات عمر بن الخطاب رضي الله عنه محور عبقريته، فلم يكن حاكما مستبدا تدور أعماله حول مجده الشخصي، وكما يذكر العقاد في عبقريته، "فـقـد كان قـوي النفـس، بالغا في القـوة النفسـية، ولكن على قوته البالغة [ ص: 168 ] لم يكن من أصحاب الطمع والاقتحام، ولم يكن ممن يندفعون إلى الغلبة والتوسع في الجاه" [48] .

            أما القدرة الأخرى فيمتاز بها العظيم الذي خلق لتوجيه العظماء، فقد أبان عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، في كل علاقة بينه وبين عمر منذ اللحظة الأولى، أي من اللحظة، التي سأل الله أن يعز به الإسلام.

            وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن احتمال التبعة أو المسؤولية خليق أن يبدل أطوار النفوس في المواقف والأزمات، فيجنح اللين إلى الشدة، ويجنح الشديد إلى اللين؛ لأننا إذا قلنا: إن رئيسا أصبح يشعر بالمسؤولية، فمعنى ذلك أنه أصبح يراجع رأيه، فلا يستسلم لأول عارض يمليه عليه طبعه، ولا يقنع باللين أول وهلة، إذا كان من دأبه اللين، ولا بالشـدة أول وهلة إذا كان الشدة دأبه، ومن هنا، ينشأ الاختلاف بين موقف الرجل وهو مسؤول وموقفه وهو غير مسؤول، وهو ما ظـهـر في موقـف الخليفـة أبـو بـكر الصـديق وعـمر بن الخـطـاب رضي الله عنه في موقف حرب الردة [49] .

            كانت لشخصية عمر المميزة والظروف التاريخية واقع مختلف، مما أدى إلى إيجاد منهج، من خلال وجهة نظره إلى المصادر التشريعية، في نصوص [ ص: 169 ] القرآن والسنة، ونظرته إلى الإجماع، والاجتهاد، والقياس، والرأي، والمصلحة العامة والخاصة [50] .

            فالقائد الماهر يستند في قراراته إلى أمرين: قابلية عقلية والقدرة على الحصول على المعلومات، وقد جمع سيدنا عمر بن الخطاب الأمرين في التعامل مع الأحداث والمواقف [51] .

            فعمر بن الخطاب رضي الله عنه لقب بالعبقري والمحدث [52] ، وقد واجه عمر، بروح ملهمة، مشكلات عصره، فطبق فيها التشريع الإسلامي تطبيقا فريد المثال، يعتمد على مكوناته العقلية، التي شهد لها بالنضج نزول القرآن بموافقتها، شهادة لم نعلم شهادة تشبهها، أو تقاربها.

            وعلى الرغم من الفارق الزمني الهائل بين القرن السابع الميلادي، عصر الخليفة عمر رضي الله عنه ، وبين القرون التالية حتى القرن العشرين، إلا أنه لم تظهر خطة تشريعية إسلامية تصل إلى مستوى خطة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حيث تحرر الفكر من قيود التقليد الضيقة، والالتزام بظواهر الأمور وأشكالها، ومن [ ص: 170 ] حيث النظرة لمصالح الناس ومقاصد التشريع وأهدافه العامة وأسسه ومقرراته، نظرة وفهما يحقق توافقا نادر المثال بين التشريع والمصلحة العامة لجمهور الناس، وهو المقصد التشريعي الأسمى.

            و"القيادة" كانت إحدى واجبات الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إذ كان أمير المؤمنين [53] مسؤولا عن النواحي السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، وقد أصلح عمر ما بينه وبين الله، فأصلح الناس ما بينهم وبين الله، وما بينهم وبين عمر، أخلص فأخلصوا، وعف فعفوا، وكف فكفوا، وعدل فعدلوا، ونسي نفسه في سبيل مصالحهم فنسوا أنفسهم في سبيل الله، وفي سبيل أمتهم [54] .

            كان شديدا في الحق لا يحابي أحدا، حافظا لوقاره وهيبته وسطوته، قاطعا لبذور الفساد، مطعما للفقراء، يطوف على الناس بالليل ليعرف أحوال الناس، يغيث الملهوف، ويعطي المحتاج، وينصف المظلوم [55] .

            وكان معروف عن عمر رضي الله عنه بساطته، وكان بابه مفتوحا للرعية [56] . لقد قامت قيادة الفاروق للدولة الإسلامية، لتسهر على حياة المواطنين، فكان لكل [ ص: 171 ] طفل يولد نصيب من بيت المال، ولو كبت دابة لخاف أن يسأل الله عنها عمر، وكانت قيادة الدولة عملا شخصيا من عمر، اعتمد فيه على مقدرته الذاتية، وإدراك القـواعد العلمية بالسـليقة، إدراك يعتمد على الذكاء، وجمع الصفات، التي تطلب اليوم في القائد الناجح، وقد توافرت في عمر رضي الله عنه بصورة غير مألوفة، لدرجة تؤكد أن شخصية الفاروق رضي الله عنه شخصية فذة يصعب تكرارها.

            يقول طه حسين، عن نظام العطاء والدواوين في عهد عمر رضي الله عنه :

            "فأما أن تكفل الدولة رزق المسلمين جميعا على هذا النحو فلسنا نعرفه في التاريخ القديم، وما أظن أن الحضارة الحديثة وفقت إليه. وكل ما وصلت إليه الحضارة الحديثة في بعض البلاد إنما هو التأمين الاجتماعي، الذي تؤخذ نفقاته من الناس لترد عليهم بعد ذلك، حين يحتاجون في بعض الأمر إلى العلاج حيث يمرضون، وإلى كفالة الحياة للشيوخ والضعفاء والعاجزين عن العمل لكسب القوت، وتأمين العمال من أخطار العمل، وتأمين الذين يخدمون الدولة والنظم الاجتماعية على رزقهم حين تنقضي خدمتهم. فأما أن يكون لكل فرد من أفراد الأمة نصيب مقسوم من خزانة الدولة، فشيء لم يعرف إلا منذ عمر" [57] .

            لقد اتسعت الدولة الإسلامية في خلافته، إلا أنه رغم الفتوحات الإسلامية الكبيرة فإن خلافته كانت عدلا على سكان البلد الأصليين، والحقائق التاريخية كلها تنفي فكرة الاستغلال والنهب؛ لأن الفتح الإسلامي [ ص: 172 ] كان خيرا كثيرا بالنسبة للبلاد المفتوحة، وكان بميزان النفع المادي أكثر نفعا لسكان البلاد الأصليين، فالعرب الفاتحون بذلوا دماءهم لتخليص البلاد من الحكم الإمبراطوري الجائر.

            وفي عهده رضي الله عنه فتحت الشام، والعراق، والقدس، والمدائن، ومصر.

            وهو أول من وضع التاريخ الهجري، واتخذ بيت مال للمسلمين، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح في المسجد، وأول من اتخذ (الدرة) يؤدب بها المخالفين، وأول من عس بالمدينة.

            طالب العرب المسلمون عمر رضي الله عنه أن يقسم الأرض المفتوحة بينهم، قال لهم: "والله لا يفتح بعدي بلد فيكون فيه كبير نيل، بل عسى أن يكون كلا على المسلمين.. فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها (سكانها الأصليين)، وأرض الشام بعلوجها، فما يسد به الثغور؟ وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أرض الشام والعراق؟" [58] .

            وقال لهم: "أرأيتم هذه الثغور؟ لابد لها من رجال يلزمونها.. أرأيتم هذه المدن العظام -كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر -؟ لابد لها من أن تشحن بالجيوش، وإدرار العطاء عليهم. فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟". [ ص: 173 ]

            وكانت رؤية عمر العبقرية، أن الدول الفقيرة، واجب على الحكومة الإسلامية أن تكفل رزق أهلها.

            وإذا كانت أرضهم غنية تبقى لأهلها خيراتها، مع دفع ضريبة محددة قليلة المقدار، تصرف في تحسين أحوال الدولة، وفي نفقات الجيش الإسلامي المرابط على ثغورهم، كي لا يرجع المستعمرون إلى الأراضي، التي فتحها المسلمون.

            ومن اهتمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه برعيته، أنه كتب إلى أبي موسى رضي الله عنه قائلا: "أما بعد، فإن أسعد الرعاة عند الله من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة من شقيت به رعيته، وإياك أن تزيغ, فتزيغ عمالك فيكون مثلك عند الله مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض فرتعت فيها تبتغي بذلك السمن، وإنما حتفها في سمنها، والسلام". [59]

            مما سبق، يتبين أهمية القدوة، التي يعطيها القائد لرعيته، من خلال حسن تعامله ورعايتهم. وكان عمر يدعو الله أن يبقيه لأرامل أهل العراق حتى لا يحتجن إلى أحد بعده. وكان يفرض العطاء المنتظم لغير المسلمين من اليهود والنصارى، ولا يطيق أن يرى أحدا منهم يسأل الناس. [ ص: 174 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية