الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت من قال لله علي أن أهدي هذا الثوب . أي شيء عليه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه ، قلت : من أين يشتريه في قول مالك ؟ قال : من الحل فيسوقه إلى الحرم ، فإن كان في ثمنه ما يبلغ بدنة فبدنة وإلا فبقرة وإلا فشاة ، ولا يشتري إلا ما يجوز في الهدي ; الثني من الإبل والبقر والمعز والجذع من الضأن . قلت لابن القاسم : فما قول مالك في هذا الثوب إذا كان لا يبلغ أن يكون في ثمنه هدي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال : يبعث بثمنه فيدفع إلى خزان مكة فينفقونه على الكعبة ، قال ابن القاسم : وأحب إلي أن يتصدق بثمنه ويتصدق به حيث شاء . ألا ترى أن ابن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة ، فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها . قلت : فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب نفسه ؟ قال : لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشترى بثمنه هدي ، ألا ترى أن مالكا قال : يباع الثوب والحمار والعبد والفرس وكل ما جعل من العروض هكذا .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : إذا قال ثوبي هذي هدي فباعه واشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شيء ، بعث بالفضل إلى خزان الكعبة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدي .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأحب إلي أن يتصدق به .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : ومن قال لرجل حراما أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث ، فعليه أن يهدي هديا ، وإن قال : لا بل له هي هدي إن فعلت كذا وكذا فحنث ، أهداها كلها إن [ ص: 452 ] كانت ماله كله .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وإن قال لشيء يملك من عبد أو دار أو دابة أو ثوب أو عرض من العروض هو يهديه ، فإنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه . قال : وإن قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره أو دار غيره وهو يهديه ، فلا شيء عليه ولا هدي عليه فيه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأخبرني من أثق به عن ابن شهاب أنه كان يقول في هذه الأشياء مثل قول مالك سواء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية