الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أكل الضب

( قال الشافعي ) رحمه الله : ولا بأس بأكل الضب ، صغيرا أو كبيرا ، فإن قال قائل : قد رويتم { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الضب فقال لست آكله ولا محرمه } قيل له إن شاء الله فهو لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضب شيئا غير هذا ، وتحليله أكله بين يديه ثابت . فإن قال قائل : فأين ذلك ؟ قيل : لما قال : { لست آكله ولا محرمه } دل على أن تركه أكله لا من جهة تحريمه ، وإذا لم يكن من جهة تحريمه ، فإنما ترك مباحا عافه ولم يشتهه . ولو عاف خبزا أو لحما أو تمرا أو غير ذلك كان ذلك شيئا من الطباع ، لا محرما لما عاف فقال لي بعض الناس : أرأيت إن قال هذا القول غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أيحتمل معنى غير المعنى الذي زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ؟ فزعمت أنه بين لا يحتمل معنى غيره ؟ قلت : نعم . قال : وإذا قلت من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معصوما ، قلت له : رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرجه من التحليل فلا يجوز أن يسأل عن تحليل ولا تحريم فيجيب فيه إلا أحله أو حرمه . وليس هكذا أحد بعده ممن يعلم ويجهل ، ويقف ويجيب ، ثم لا يقوم جوابه مقام جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فما [ ص: 275 ] المعنى الذي قلت قد بين هذا الحديث من غيره ؟ قلت : { قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضب فامتنع من أكلها ، فقال خالد بن الوليد أحرام هي يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ، ولكن أعافها لم تكن ببلد قومي فاجترها خالد بن الوليد فأكلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر } ، وإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليست حراما فهي حلال ، وإذا أقر خالدا بأكلها ، فلا يدعه يأكل حراما ، وقد بين أن تركه إياها أنه عافها . لا حرمها .

التالي السابق


الخدمات العلمية